الفصل الرابع
فى أن المكان هل يخلو عن المالى له أم لا؟ (١)
اتفق أصحابنا ، وجماعة من المتكلمين ، وبعض قدماء الفلاسفة : على جواز خلو المكان عن المالى له.
وذهب المتأخرون من الفلاسفة ، والجم الغفير منهم ، وجماعة من المتكلمين :
إلى إمكان ذلك حتى زعم بعض الكرّاميّة (٢) أنه لو ارتفعت الوسائط فيما بين السماء والأرض ؛ لاصطك جرم السماء والأرض ، متحركا كل واحد إلى الآخر.
احتج من قال بالجواز : بحجج :
الأول : أنه لو امتنع خلو المكان عن الملاء ؛ للزم منه امتناع حركات الأجسام فى العالم فيما بين السماء والأرض ؛ وهو خلاف المشاهد المحسوس.
وبيان الملزوم : أنه يلزم من تحرّك الجسم : إما مداخلته لما يليه من الأجسام ، أو مدافعته.
والأول : محال لما سبق (٣).
والثانى : يلزم منه : إما أن ينتقل المدفوع إلى مكان الدافع ، أو إلى مكان غيره.
فإن كان الأول : فلا يتصور انتقال الأول إلى مكان الثانى حتى يخلو منه. ولا يتصور انتقال الثانى عن مكانه ؛ وهو دور.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة راجع ما يلى :
الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٥٠٨ ، ٥٠٩.
والمواقف للإيجي ص ١١٣ ـ ١٢٠ المقصد التاسع : فى المكان.
وشرح المواقف للجرجانى ٥ / ١١٥ ـ ١٦٢ المقصد التاسع : المكان وهو من الكم المتصل.
وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٥٢ ـ ٦٤ المبحث الثالث : فى المكان.
وشرح مطالع الأنظار للأصفهانى ص ٨١ ـ ٨٥ المبحث الخامس : فى المكان.
(٢) راجع عنهم ما مر فى الجزء الأول هامش ل ٦٥ / أ.
وأما عن آرائهم فانظر ما سيأتى فى القاعدة السابعة.
(٣) راجع ما مر فى النوع الأول ـ الفصل الخامس : فى أن الجواهر لا تتداخل ل ٦ / ب.