الفصل السابع :
فى تحقيق معنى الاجتماع ، والافتراق ، والمماسة ، والتأليف (١)
وقد اتفق القائلون بالأكوان على أنه لو خلق الله ـ تعالى ـ جوهرا فردا فى حيّز من الأحياز ؛ فلا بد وأن يقوم به كون يخصصه بذلك الحيّز على ما سبق (٢).
ثم اتفقوا على جواز خلق الله ـ تعالى ـ ستة من الجواهر محيطة بذلك الجوهر من فوقه ، وأسفله ، ويمينه ، وشماله ، وخلفه ، وقدامه ، إلا ما نقل عن بعض المتكلمين أنه منع من ذلك. ولم يجوز ملاقاة الجوهر الفرد ، لأكثر من جوهر واحد ؛ حذرا من القول بتجزؤ الجوهر الفرد ؛ وهو مكابرة للمحسوس ، ومنع من تأليف الجسم الطويل ، العريض ، العميق ؛ وهو محال.
واتفقوا على المجاورة ، والتأليف بين الجوهر المفروض ، والجوهر المحيط به / ثم اختلفوا بعد ذلك.
فذهب الشيخ أبو الحسن الأشعرى (٣) ، والمعتزلة : إلى أن المجاورة ؛ وهى وقوع الجوهرين فى حيزين لا يفصلهما ثالث ؛ زائدة على الكون الموجب لتخصيص الجوهر بحيزه حالة انفراده.
وأن التأليف والمماسة زائدة على المجاورة ، ومغايرة لها ؛ وهو حادث عقيبها. وأن المباينة : وهى وقوع الجوهرين فى حيزين يفصلهما ثالث ؛ ضد المجاورة.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة انظر : الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٤٥٥ وما بعدها. ومن المفيد ذكر معانى هذه الألفاظ.
الاجتماع : تقارب أجسام بعضها من بعض [التعريفات ص ٢٠].
الافتراق : كون الجوهرين فى حيزين ، بحيث يمكن التفاصل بينهما. [التعريفات ص ٤٢].
أما التماس : فعبارة عن تلاقى الذوات بأطرافها على وجه لا يكون بينهما بعد أصلا. [المبين للآمدى ص ٩٧].
التأليف : هو جعل الأشياء الكثيرة بحيث يطلق عليها اسم الواحد ، سواء كان لبعض أجزائه نسبة إلى البعض بالتقدم والتأخر أم لا ، فعلى هذا يكون التأليف أهم من الترتيب. [التعريفات ص ٥٩].
(٢) راجع ما سبق فى الفصل الأول : فى تحقيق معنى الكون والكائنية ل ٤٨ / أوما بعدها.
(٣) قارن بما ورد فى الشامل للجوينى ص ٤٥٥.