الاختلاف الثانى
ذهب أبو هاشم ، وأكثر المعتزلة : إلى بقاء السكون من غير تفصيل (١).
وذهب الجبائى (٢) ، ومن نصر مذهبه : إلى بقاء السكون ؛ إلا فى صورتين.
الأولى : ما إذا هوى جسم ثقيل بما فيه من الاعتمادات ؛ فأمسكه الله تعالى فى الجو ، ولم يكن تحته ما / يقله ؛ فلا بد من تجدد السكون فيه.
وإنما قال ذلك ؛ لأن من أصله أن الطّارئ الحادث ، أقوى من الباقى ؛ فلو كان السكون باقيا ، لهوى الثقيل بالاعتمادات الطارئة الحادثة.
الصورة الثانية : السكون المقدور للحىّ.
فإنه قال : لا بد من تجدده ؛ فإنه لو بقى ، وأمر الحى بالحركة ولم يتحرك ؛ فهو مأثوم بالاجماع.
والإثم لا يكون على عدم الفعل على أصلهم ، والسكون المضاد للحركة إذا كان باقيا متجددا [فليس بمقدور ؛ فلا يكون مألوفا ؛ وهو خلاف الاجماع ؛ وهذا خلاف ما إذا كان السكون متجددا] (٣).
ولقائل أن يقول : أما ما صار إليه أبو هاشم من بقاء السكون مطلقا. فمع بطلانه بما ذكرناه من استحالة بقاء الأعراض ؛ فهو محجوج بما ذكره الجبائى فى تحقيق الصورة الثانية ، ولا محيص له عنه بناء على مقتضى أصولهم من ربط الثواب والعقاب ، بالأفعال المقدورة.
ومن أمر بالحركة ، ولم يفعلها مع بقاء السكون ؛ فما فعل شيئا وإلا فليس بضد من أضداد الحركة ؛ فلا يكون مأثوما ولو جاز ذلك مع عدم الفعل المقدور ؛ لما امتنع ذلك فى الفعل المكتسب على ما يراه الأشعرى ، ولم يقل به أحد منهم.
ولما التزم أبو هاشم التأثيم فى هذه الصورة على عدم الفعل ؛ لقبوه بالذمى
__________________
(١) قارن بما ورد فى الشامل للجوينى ص ٤٨٠. والمواقف للإيجي ص ١٦٦.
(٢) قارن بما ورد فى الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٤٨٠. وانظر المواقف للإيجي ص ١٦٦ فقد لخص ما ذكره الآمدي هنا.
(٣) ساقط من أ.