وأما ما صار إليه الجبائى : من التفصيل : فباطل أيضا
أما الصورة الأول : فلأنه لا مانع مع إمكان بقاء السكون ، أن يخلق الله ـ تعالى ـ فى الجسم الثقيل الهاوى ؛ سكونا باقيا يكون به لبثه فى الهواء كلبثه بالسكنات المتجددة.
وما ذكره فى التقرير ؛ فقد سبق إبطاله
وأما ما ذكره من الصورة الثانية.
فإنها وإن كانت لازمة على أبى هاشم ، وغيره من المعتزلة القائلين ببقاء السكون كما ذكرناه ؛ فغير لازمة على أصولنا ؛ لما عرف فى التعديل والتجوير (١).
الاختلاف الثالث : (٢)
ذهب الجبائى إلى أن الحركة والسكون مدركان بحاسة البصر واللمس محتجا على ذلك بأن من نظر إلى الجوهر ، أو لمسه ، وهو مغمض العينين ؛ فهو ساكن ، أو متحرك فإنه يدرك التفرقة بين الحالتين ضرورة.
وخالفه أبو هاشم (٣) فى ذلك. واحتج على نصرة مذهبه بأن قال : لا معنى للحركة غير الكون فى الحيّز ، بعد أن كان فى غيره ؛ وذلك هو السّكون بعينه ؛ كما تقدم من مذهبه ولو كان ذلك مدركا [لكان مدركا] (٤) بخصوصيته من حيث أن الإدراك عندهم لا يتعلق بمطلق الوجود ؛ بل بخصوصية الشيء المدرك ، وخصوصية الكون.
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الأول : فى التعديل والتجوير ل ١٧٤ / ب وما بعدها.
(٢) قارن بما ورد فى الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٤٨٣ قال : «ومما اختلفا فيه إدراك الأكوان : فذهب الجبائى إلى أن الحركة مدركة بحاسة البصر واللمس ، والسكون مدرك أيضا عنده بالحاستين».
وانظر المواقف للإيجي ص ١٦٦ فقد قال : «قال الجبائى : الحركة والسكون مدركان بحاسة البصر واللمس ؛ فإن من نظر إلى الجوهر أو لمسه مغمضا لعينيه وهو ساكن أو متحرك أدرك التفرقة بين الحالتين. ومنعه أبو هاشم : بأن الكون لو كان مدركا ؛ لكان مدركا بخصوصيته الخ».
وقد نقلت هذه النصوص من الشامل والمواقف لأوضح مدى التأثير والتأثر ؛ فقد تأثر الآمدي بالجوينى وأثر فى الإيجى.
(٣) قارن بما ورد فى الشامل للجوينى ص ٤٨٣ قال : «وأبى أبو هاشم ذلك أشد الإباء ومنع تعلق الإدراك بالأكون».
(٤) ساقط من أ.