/ الأول : اختلفوا فى بقاء الحركة مع اتفاقهم على بقاء الأعراض.
فذهب الجبائى ، وأكثر المعتزلة : إلى أن الحركة غير باقية محتجين على ذلك بأن الحركة عبارة عن الكون فى الحيّز بعد أن كان فى غيره.
والكون فى الحيّز الثانى بتقدير بقاء الجوهرية غير باق ؛ بل المتجدّد فيه كون آخر هو السكون ، والسكون لا يكون هو نفس الحركة ؛ بل ضدّها ، والحركة لا توجد مع ضدها ، ولأن الكون الأول فى الحيّز الثانى موجب للخروج من الحيّز الأول ، والكون الثانى ليس كذلك ؛ فهما غيران.
وذهب أبو هاشم إلى القول ببقاء الحركة وأن الكون (١) الأول فى الأحياز المعينة غير مدركة.
ولهذا فإن راكب السفينة إذا كانت سهلة الجرى على الماء غير مضطربة ، لا يدرك التفرقة بين خصوصيات أكوانه فى الأحياز الهوائية المحيطة به المسدلة عليه ؛ وهو خارق لها ، بل ربما ظن كونه ساكنا غير متحرك عن حيّزه من الهواء المحيط به.
وكذلك أيضا فإن من كان فى الجو هاويا ، وأحيازه مسدلة عليه ، فلو غلبته عيناه وهو فى حيّزه ، وأنتقل منه إلى غيره حالة نومه ، ثم استيقظ ، وهو فى حيّزه ؛ فإنه لا يدرك اختلافا فى حالتيه مع القطع (١١) / / باختلاف الكونين المخصّصين له بالحيّزين.
ولو كان ذلك مدركا ؛ لأدركه كالورق وهو متلون بلون ، ثم استيقظ وهو متلون بغيره ؛ فإنه يدركه.
ولقائل أن يقول على حجة الجبائى :
ما المانع على أصلك أن يكون ما يجده الناظر من التفرقة راجع إلى انحراف الشعاع الخارج من العين ، وميله عن جهة اتصاله بسبب تزحزح الجوهر عن حيّزه ، فإنه لا يبعد على أصلك أن تختلف أحوال الشيء المدرك باختلاف أحوال الشعاع.
__________________
(١) من أول : «الأول : اختلفوا فى بقاء الحركة مع اتفاقهم على بقاء الأعراض ...... إلى قوله : ببقاء الحركة وأن الكون» ساقط من ب.
(١١)/ / أول ل ٣١ / أ.