وإن سلّم امتناع إدراك التأليف / الواحد من وجه دون وجه ؛ ولكن لا نسلم أن تأليف جواهر الصفحة العليا مع جواهر الصفحة السفلى مدركة ؛
بل المدرك إنما هو تأليف جواهر الصفحة العليا بعضها مع بعض ، كل واحد مع الّذي يليه من جوانبه من الصفحة العليا ، وتأليف كل واحد مع الآخر مرئى من كلا الطرفين ؛ ولا محيص عنه.
الاختلاف السادس : (١)
ذهب أكثر المعتزلة إلى أنه لا يشترط فى تولّد التأليف عن المجاورة رطوبة أحد المتجاورين ، ويبوسة الآخر ، ومنهم من شرط ذلك.
واحتج من قال بعدم الاشتراط بثلاث حجج :
الحجة الأولى : أنه لو كانت الرطوبة ، واليبوسة شرطا فى ابتداء التأليف ؛ لكانت شرطا فى دوامه : كالمجاورة ، وليس كذلك بدليل الصخور الصّم ، واليواقيت ونحوها.
الحجة الثانية : أنه لو اشترطت الرطوبة ، واليبوسة فى تأليف أحد الجوهرين بالآخر ؛ لكانت صفة كل واحد من الجوهرين مؤثره فى الثانى مع أنها لا تتعداه؟؟ ، وهو محال.
الحجة الثالثة : أن من أصل المعتزلة أن كل عرض (١١) / / لا يتعدى حكمه إلى غير محله.
فالتنبيه المخصوص غير مشترط فيه : كالسواد ، والبياض ، ونحوه. وكل عرض يتعدى حكمه إلى الجملة التى محله منها : كالعلم ، والقدرة ، ونحوه ؛ فلا بد له من البيّنة المخصوصة.
وحكم التأليف لا يتعدى محله ؛ فإن التأليف الواحد قائم بالجوهرين وحكمه ثابت لهما.
__________________
(١) قارن بما ورد فى المواقف للإيجي ص ١٦٧ فقد قال : «ذهب أكثر المعتزلة إلى أن مجاورة الرطب واليابس وإن ولدت التأليف فليست شرطا له .. الخ».
(١١)/ / أول ل ٣١ / ب من النسخة ب.