الفصل الثانى
فى تحقيق معنى الاعتماد (١)
وقد اختلف المتكلمون فيه :
فذهب بعض أصحابنا : إلى نفيه كالأستاذ أبى إسحاق ، وغيره (٢).
وذهب القاضى أبو بكر ، وكثير من أصحابنا ، والمعتزلة إلى إثباته (٣).
وذلك هو ما يحس به فى كل جسم من المدافعة ، والممانعة ، والميل إلى الجهات المختلفة. فإن من حمل حجرا ثقيلا ؛ فإنه بجد من نفسه من الحجر ميلا إلى جهة السفل.
وكذلك أيضا لو تجاذب اثنان حبلا ؛ فإن كل واحد يجد من نفسه ميلا من الآخر مقاوما لميله إلى خلاف جهة جذبه ، وعلى حسب التساوى فى الاعتمادين ، أو الترجيح لأحدهما ، يكون التقاوم بينهما ، حتى لا ينجذب الحبل إلى جهة أحدهما أو الغلبة لأحدهما حتى يتحقق الانجذاب فى جهته ، دون جهة الآخر.
وهذا أمر محسوس لكل عاقل ؛ لا سبيل إلى جحده ، ومناكرته ، ولو ساغ إنكاره مع كونه محسوسا ، لساغ إنكار ما يحس به من حرارة الجسم وبرودته ، وسواده وبياضه إلى غير ذلك من الأعراض المحسوسة ؛ وهو محال.
وهذا هو الحق ، وعليه الاعتماد ، وإذا تحقق معنى الاعتماد ، وثبت أنه عرض زائد على الجسم فما من جسم إلا وله ست جهات.
وعلى هذا فيمكن أن يكون له بحسب كل جهة اعتماد ؛ فتكون الاعتمادات ستا [وعند هذا اتفق أصحابنا القائلون بالاعتمادات ، أن الاعتمادات] (٤) لا تخصص
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة انظر الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين ص ٤٩٣ ـ ٥٠٦.
والمواقف للإيجي ص ١٢٥ وما بعدها. وشرح المواقف للجرجانى ٥ / ١٩٢ وما بعدها وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٧٨ وما بعدها.
(٢) قارن بما ورد فى الشامل للجوينى ص ٤٩٣ والمواقف للإيجي ص ١٢٥.
(٣) انظر الشامل للجوينى ص ٤٩٣ ، والمواقف للإيجي ، ص ١٢٥.
(٤) ساقط من أ.