هذا وأما نحن فنقول : ما ذكروه فى انقسام الاعتمادات [فمبنى على فاسد أصولهم بالاقتضاء الطبيعى ؛ وقد أبطلناه ؛ بل الاعتمادات (١)] كلها أعراض متجددة بخلق الله ـ تعالى ـ.
وأما حجة الجبائى : فحاصلها يرجع إلى دعوى المماثلة بين الحركات ، والاعتمادات من غير دليل ؛ فكانت فاسدة.
كيف وأنه لو قال قائل : إن الحركة موجبة لتخصيص الجوهر بالحيز على ما سبق (٢) فلو اجتمع فى الجوهر الواحد حركتان من جهتين مختلفتين لكانت كل واحدة مخصصة له بتلك الجهة ، ويلزم منه أن يكون الجوهر الواحد فى حالة واحدة ؛ فى حيزين معا ؛ وهو محال.
وعند ذلك : فإن لم نبين أن الاعتمادات كالحركات فى هذا المعنى فلا يلزم التضاد ؛ كما لزم فى الحركات ؛ والبيان لذلك مما لا سبيل إليه. وأما ما ذكره أبو هاشم من الحجج ؛ فهى لازمة على أصول المعتزلة ، وعلى كل من قال بتضاد الاعتمادات.
الاختلاف الثانى : فى بقاء الاعتمادات (٣) :
مذهب الجبائى ، ومن تابعه : أن الاعتمادات غير باقية من غير تفصيل.
وقال أبو هاشم : ما كان منها لازما ؛ فهو باق ، وما كان منها مجتلبا ؛ فهو غير باق.
احتج الجبائى بحجتين :
الأولى : أنه قال لو بقى الاعتماد اللازم فى جهة السفل ؛ لبقى الاعتماد المجتلب فيها ؛ وذلك عند ما إذا تحامل إنسان على حجر ثقيل فى جهة السفل ؛ فأوجب فيه اعتمادا سفليا مجتلبا ؛ لأن الاعتماد المجتلب فيها مشارك للاعتماد اللازم فى أخص أوصافه ؛ وهو كونه اعتمادا فى جهة السفل ، والمشاركة في أخص وصف النفس عند أبى هاشم القائل بالتفصيل موجبه للاشتراك فيما عداه.
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) راجع ما سبق ٥٣ / ب وما بعدها.
(٣) قارن بما ورد فى الشامل لإمام الحرمين الجوينى ص ٤٩٧ وهو متقدم على الأبكار ، وبما ورد فى شرح المواقف ٥ / ٢١٩ وما بعدها وهو متأخر عنه ومتأثر به.