وأما الحجة الأولى لأبى هاشم : فهى مبنية على فاسد أصولهم فى بقاء الألوان ، والطعوم ، وقد أبطلناه.
كيف وأنها لازمة على أبى هاشم فى الاعتمادات المختلفة ؛ إذ هى مشاهدة للاستمرار ؛ كمشاهدة اللازمة.
وأما الحجة الثانية : فمبنية أيضا على أن عود الحجر هاويا إلى جهة السفل ، إنما هو بالاعتماد السفلى ، وليس كذلك ؛ بل إنما ذلك بخلق الله ـ تعالى ـ للحركة السفلية من غير تأثير للاعتماد السفلى فيها ، وبتقدير تسليم توقف الحركة السفلية على الاعتماد السفلى.
فما المانع من تجدده فى كل وقت بخلق الله ـ تعالى ـ له كسائر الأعراض. وعند ذلك : فما وجدت الحركة السفلية عنده من الاعتماد السفلى ؛ لا يلزم أن يكون باقيا (١١) //.
الاختلاف الثالث (١) :
فى اشتراط الرطوبة ، واليبوسة فى الاعتمادات والّذي ذهب إليه أبو هاشم : أنه اشترط فى الاعتماد اللازم الرطوبة (٢) إذا كان سفليا ، واليبوسة إذا كان علويا ؛ دون الاعتمادات المجتلبة وخالفه الجبائى فى ذلك ؛ ولم يشترط الرطوبة ؛ واليبوسة فى شيء من الاعتمادات ؛ وهو الحق.
احتج أبو هاشم بأنه ما من شيء من ذوات الاعتمادات اللازمة السفلية من الأحجار وغيرها ، إذا أوقدت عليها النار مدة ؛ لا بد وأن تتكلس ، أو تذوب ؛ والتكلسى / يدل على تفرق ما كان فيه من الرطوبة.
والإذابة دليل الرطوبة السابقة حالة الجمود ، كالجليد المذاب بالنار ، وغيرها ؛ وهذه الحجة مدخولة من وجوه :
__________________
(١١)/ / أول ٣٤ / ب من النسخة ب.
(١) قارن بما ورد فى الشامل لإمام الحرمين الجوينى ص ٤٩٩ وهو متقدم على الأبكار ، وبما ورد فى شرح المواقف للجرجانى ٥ / ٢٢١ وهو متأخر عن الأبكار ومتأثر به إلى حد بعيد.
(٢) عرف الآمدي الرطوبة واليبوسة فقال : «أما الرطوبة : فما كان من الكيفيات بما يسهل قبول الجسم للانحصار ، والتشكل بشكل غيره وكذا تركه. وأما اليبوسة فمقابلة للرطوبة» [المبين للآمدى ص ٩٩ ، ١٠٠].