ثم وإن سلمنا دلالة ما ذكر على اشتراط الرطوبة فى الاعتماد اللازم السفلى [فلم يدل على اشتراط اليبوسة فى الاعتماد اللازم] (١) العلوى.
الاختلاف الرابع (٢) :
فى سبب طفو الخشبة على الماء ، ورسوب الحديد فيه ؛ وقد اختلف الجبائى وابنه فى ذلك.
فقال الجبائى : سبب طفو الخشبة : تخلخل أجزائها ، وتعلق الهواء الصاعد بها. وسبب رسوب الحديد وغيره : اندماج أجزائه ، وعدم تشبث الهواء به.
وقال أبو هاشم : بل سبب ذلك إنما هو ثقل أحد الأمرين ، وخفة الآخر / فى نفسه ؛ ولا أثر للهواء فى ذلك.
ويلزم على الجبائى رسوب الذهب فى الزئبق ، وطفو الفضة عليه مع عدم تخلخل أجزاء الفضة ، وجرف الهواء لها.
ثم إن الهواء عنده صاعد بطبعه ، والخشب راسب بطبعه ، فكان يلزم من ذلك أن لا يمتنع رسوب الخشبة بانفصال الهواء عنها صاعدا.
ويلزم على أبى هاشم ما لو أخذت قطعة حديد ، أو غيره ، ووضعت على الماء ؛ فإنها تغوص فيه ، ولو رفعت وطويت أجنابها : كالطبق ، ووضعت على وجه الماء ؛ فإنها لا ترسب مع التساوى فى الثقل والخفة.
وكذلك لو وضعنا خشبة وزنها ألف رطل مثلا على الماء ؛ فإنها لا ترسب فيه ؛ ولو ألقينا عليه وزن حبة من حديد أو غيره ، فإنه يرسب فيه ؛ مع أن الطافى أثقل من الراسب ، بأضعاف مضاعفة.
وعلى هذا ، فالحق ما ذهب إليه أهل الحق من أن الطفو : إنما هو بسبب كون يخلقه الله موجب لتخصيصه بحيزه.
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) قارن بما ورد فى الشامل لإمام الحرمين الجوينى ص ٥٠١ وشرح المواقف للجرجانى ٥ / ٢٢٢ وما بعدها.