ومن مال إلى القول بالأحوال ؛ كالقاضى أبى بكر وغيره ، فعنده صفات النفس أحوال زائدة على وجود النفس ملازمة لها ، وأولى العبارات بهذا المذهب ما ذكره بعض الأصحاب. من أن الصفة النفسية عبارة عن : كل صفة ثبوتية زائدة على الذات لا يصح توهم انتفائها مع بقاء الذات الموصوفة بها ؛ وذلك كما ذكر من الأمثلة.
فإن كون الجوهر جوهرا وشيئا وذاتا ، ومتحيزا ، وقابلا للأعراض ، وحادثا بأحوال زائدة على وجود الجوهر عند القاضى ، وغيره من القائلين بالأحوال ، ولا يتصور توهم انتفائها مع بقاء ذات الجوهر.
وأما الصفة المعنوية : فعبارة عن كل صفة ثبوتية دل الوصف بها على معنى زائد على الذات [وتصديقا للذات دونها (١)] ثم اختلف أصحابنا.
فمن قال : / بالأحوال قسم الصفة المعنوية إلى معللة كالعالمية والقادرية ونحوهما ، وإلى غير معللة : كالعلم ، والقدرة ، ونحوه.
ومن أنكر الأحوال : أنكر الصفات المعللة ، ولم يجعل كون العالم عالما ، والقادر قادرا زائدا على قيام العلم ، والقدرة بذاته.
وأما المعتزلة : فإنهم قسموا الصفات إلى نفسية ، ومعنوية ، وإلى صفة حاصلة بالفاعل وليست نفسية ولا معنوية ، وإلى صفة تابعة للحدوث ، وليست حاصلة بفعل الفاعل ، ولا هى نفسية ولا معنوية.
أما الصفة النفسية : فهم فيها مختلفون.
والّذي صار إليه الجبائى : أن صفة النفس أخص وصف النفس ، وهو ما يقع به تماثل المثلين ، واختلاف المختلفين : ككون السواد سوادا ، والبياض بياضا ، ولم يجعل كونه لونا صفة نفسية ولم يجوز اجتماع صفتى نفس فى شيء واحد.
وقال أكثرهم : صفة النفس هى الصفة اللازمة للنفس ؛ وجوزوا على ذلك اجتماع صفتى نفس فى ذات واحدة ؛ لإمكان تعدد الصفات اللازمة للنفس ؛ ككون السواد سوادا ، ولونا ، وعرضا ، وشيئا ، ويدخل فيه كون الرب تعالى عالما ، وقادرا ؛ لكونه لازما
__________________
(١) ساقط من (أ).