الحسن : فمنهم من جعله من الصفات التابعة للحدوث وجوبا كالقبح.
ومنهم من جعله تابعا للإرادة ، والقصد.
ومنه ما اختلفوا فى كونه تابعا للعلم أو الإرادة : كإحكام الفعل ، وإتقانه ، فمنهم من قال : إنه تابع للعلم دون غيره محتجا على ذلك. بأن من تدرب بصنعة ، وحصل له بها ملكة ؛ فقد يوجد منه في بعض الأحيان من تلك الصناعة ما هو على غاية الحكمة ، والإتقان ، من غير قصد وإرادة ؛ وهو دليل استقلال العلم به.
ومنهم من قال إن المؤثر فى إحكام الفعل ؛ إنما هو الإرادة مشروطا بكون العالم عالما به ، واتفقوا على أن ما يؤثر فيه العلم لا فرق فيه بين العلم الضرورى ، وغير الضرورى.
واختلفوا فيما تؤثر فيه الإرادة.
فمنهم من قال : المؤثر من الإرادات ما كان مقدورا مخترعا للمريد دون ما كان منها ضروريا ، بخلاف العلم.
ومنهم من لم يفرق بين الإرادتين ، كما لم يفرق بين العلمين ؛ وهو اختيار أبى هاشم.
وإذ أتينا على تفاصيل مذاهبهم فى الصفات ، واستقصائها على أحسن ترتيب ؛
فلا بد من تتبعها على ما هو المألوف من عادتنا.
فنقول : أما أولا : فهو أن ما ذكروه من نسبة الصفات ؛ فمبنى على فساد أصولهم أن المعدوم الممكن شيء وذات ، وأن الوجود زائد عليه وسنتبين إبطاله فيا بعده (١).
ونبين أن المعدوم ليس بشيء ، وأن كل صفات الإثبات لا تحقق لها إلا مع الوجود ، وأنه ليس منها ما يكون متقدما عليه. هذا من جهة الجملة ، وأما من جهة التفصيل فنقول:
__________________
(١) راجع ما سيأتى فى الباب الثانى : فى المعدوم وأحكامه ـ الفصل الرابع ل ١٠٨ / ب وما بعدها.