أما قول الجبائى : فقد أكثر الأصحاب فى الرد عليه. بما لست قانعا به. والّذي نراه أن يقال : قوله : الصفة النفسية هى أخص وصف النفس ، وما يقع به الاختلاف بين الذوات ، إن أراد به ما يدل بالوصف به على نفس الذات ، لا على معنى زائد عليها ؛ فهو ما قاله أصحابنا.
وإن أراد به ما يدل الوصف به على معنى زائد على الذات ، خاص بها دون غيرها وبه يقع الافتراق بين تلك الذوات ، وغيرها.
وهو حال على ما هو مذهب ؛ فهو مبنى علي القول بالأحوال ؛ وسيأتى / إبطاله (١).
وأما من قال منهم الصفة النفسية : ما كانت ملازمة للنفس ؛ فقد وافقوا على أن صفة النفس لا تكون معللة.
ويلزمهم من ذلك أن تكون عالمية الرب تعالى وقادريته ، ومريديته ليست من الصفات النفسية مع كونها ملازمة لذات الله تعالى ، ضرورة أنها معللة بالعلم ، والقدرة والإرادة ، كما بيناه فى الصفات (٢) ، وعلى ما يأتى تحقيقه فى العلل ، والمعلولات (٣).
وأما قول من قال : الصفة المعنوية : كل صفة معللة بمعنى زائد على الموصوف بها.
فيلزمهم أن تكون عالمية الرب تعالى ـ صفة معنوية ، وأن لا تكون العالمية فى الشاهد صفة معنوية ، لما بيناه فى الصفات من امتناع تحقق الفرق بين العالمية شاهدا ، وغائبا (٤).
فإن ما هو اللازم لإحدى العالميتين ، يكون لازما للأخرى.
وعند ذلك : فإن كانت العالمية فى الشاهد معللة ؛ لزم مثله فى الغائب ؛ وخرجت العالمية فى الغائب عن أن تكون صفة نفسية.
__________________
(١) راجع ما سيأتى فى الباب الثالث : فيما ليس بموجود ولا معدوم ـ الأصل الأول فى الأحوال ل ١١٤ / أوما بعدها.
(٢) راجع ما مر من فى الجزء الأول ـ النوع الثانى : فى الصفات النفسانية لذات واجب الوجود ل ٥٣ / ب وما بعدها.
(٣) راجع ما سيأتى فى الباب الثانى ـ الأصل الثانى : فى تحقيق معنى العلل والمعلولات ل ١١٧ / ب وما بعدها.
(٤) راجع ما مر فى الجزء الأول ل ٧٢ / ب وما بعدها.