الفصل الثانى
فى تحقيق معنى التماثل والمثلين ، وإثبات ذلك على منكريه (١)
وقد ذهب بعض المتكلمين إلى امتناع تحقق التماثل بين شيئين أصلا محتجا على ذلك بأن كل شيئين : إما أن يتفقا من كل وجه ، أو يفترقا من كل وجه ، أو يتفقا من وجه ، ويفترقا من وجه.
فإن كان الأول : فلا تعدد ، ولا تمايز.
وإن كان الثانى والثالث : فلا مماثلة ؛ لأن المماثلة مع التباين محال ، وخالفه فى ذلك جماعة العقلاء من الأشاعرة ، والمعتزلة ، وغيرهم من الطوائف ، ثم اختلف القائلون بالتماثل فى العبارات الدالة على معنى المثلين.
أما أصحابنا : فالمثلان عندهم : عبارة عن كل موجودين مشتركين فى الصفات النفسية.
ومن لوازم الاشتراك فى الصفات النفسية بين كل شيئين مشاركة كل واحد منهما للآخر فيما يجب له ، ويجوز عليه ، ويمتنع ولا جرم قال : بعض الأصحاب (٢) : المثلان كل شيئين يسد أحدهما مسد الآخر فيما / يجب ، ويجوز من الصفات.
وقال آخر : المثلان هما الموجودان اللذان يجب لأحدهما ما يجب للآخر ، ويجوز عليه ما يجوز عليه ، ويمتنع عليه ، ما يمتنع عليه (٣) وعلى هذا : فمن قال من أصحابنا بعود الصفات النفسية إلى نفس الذات لا إلى معنى زائد عليها على ما عرف.
قال : التماثل بين الذوات لأنفسها (١١) / / وذواتها ؛ غير معلل بأمر زائد عليها.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة لما أورده الآمدي هاهنا.
انظر الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين الجوينى ص ٢٩٢ وما بعدها ، والمواقف للإيجي ص ٨٢ وشرح المواقف للجرجانى ٤ / ٨٠ وما بعدها.
(٢) هو إمام الحرمين الجوينى. انظر الشامل ص ٢٩٢.
(٣) انظر المصدر السابق.
(١١)/ / أول ل ٣٨ / أمن النسخة ب.