الفصل الرابع (١١)
فى أنه هل يتصور الاختلاف بين الشيئين مع اشتراكهما
فى أخص صفة النفس (١)؟
نقول اختلف المتكلمون فى ذلك :
فاختار القاضي أبو بكر ، وجماعة من أصحابنا ، وجميع المعتزلة المنع من ذلك.
ومنهم من جوزه : وهو قول القاضى أيضا.
احتج النافون : بأنه لو جاز ذلك ؛ لجاز اشتراك السوادين في أخص وصفيهما ؛ وهو كون كل واحد منهما سوادا ؛ مع اختصاص أحدهما بصفة نفسية لا ثبوت لها فى الآخر ؛ بأن يكون أحدهما سوادا حلاوة ، والآخر سوادا ليس بحلاوة ؛ وذلك يجر إلى كون العرض الواحد سوادا حلاوة ؛ وهو محال وبيان الإحالة :
أما على القول : بنفى الأحوال ؛ فظاهر /.
إذ السواد والحلاوة وجودان ، وذاتان ؛ وليس لهما حال زائدة عليهما ويستحيل فى العقل أن يكون الموجود الواحد له وجودان ، والذات الواحدة ذاتان.
وأما على القول : بإثبات الأحوال.
فقد احتج الأصحاب عليه بمسالك :
__________________
(١١)/ / أول ل ٤٠ / أمن النسخة ب.
(١) لمزيد من البحث والدراسة انظر : الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين الجوينى ص ٣٠٧ وما بعدها ، فقد تحدث عن هذا الموضوع بذكر مذهب أهل الحق كما ناقش المعتزلة بالتفصيل : قال : «ونحن الآن نذكر مذهب أهل الحق ، ثم ننعطف على ذكر مذاهب المخالفين» قال :
«إذا قال قائل : ما حقيقة صفة النفس عندكم؟
قلنا صفة النفس عندنا : كل صفة إثبات راجعة إلى ذات لا لمعنى زائد عليها ، وهذا الحد سديد مطرد ، منبئ عن الغرض والمقصد ؛ فيدخل تحت هذا ، كون الجوهر جوهرا ، وتحيزه ، وكونه شيئا وذاتا ، وقبوله للأعراض ، ووجوده وحدوثه ، وكذلك القول فى جملة صفات الأجناس» [الشامل للجوينى ص ٣٠٨].