الفصل السابع
فى تحقيق معنى الغيرين (١)
والعبارة الجامعة المانعة لذلك على أصول أصحابنا.
قول الشيخ أبى الحسن الأشعرى فى آخر قوليه (٢) ، الغيران كل موجودين تصح مفارقة أحدهما للآخر بالعدم أو الحيز (٣) وإنما قيد الحد بالموجودين : لأن المتغاير صفة إثبات على ما تقدم فى الخلافين ؛ فلا تكون صفة العدم (٣).
وإنما ردد المفارقة بين العدم والحيز ، ولم يوجب المعية بينهما ، ولم يقتصر على أحدهما ؛ لأنه لو أوجب المعية بينهما ؛ لما وقعت المغايرة مع انتفاء أحدهما ، وثبوت الآخر.
وليس كذلك ؛ فإن الأعراض المختلفة ، والمتماثلة متغايرة ؛ وهى غير متفرقة بالحيز ، بعدم تحيزها. ولو اقتصر على أحدهما فى التحديد ؛ لم يكن الرسم جامعا. ولهذا فإنه لو اقتصر على المفارقة بالعدم وقال كما قاله أولا الغيران : كل موجودين يصح عدم أحدهما مع وجود الآخر ، للزمه السؤال المشهور الوارد عليه فى هذه العبارة ، وهو أن لا تعلم المغايرة بين الأجسام بتقدير اعتقاد قدمها ؛ لاستحالة عدم القديم ؛ وليس كذلك ؛ بل المغايرة معلومة ، ولو قدر امتناع العدم عليها.
ولو اقتصر على القول : بأن الغيرين كل موجودين يصح مفارقة أحدهما للآخر فى الحيز ، لامتنع التغاير بين الأعراض ؛ لعدم تحيزها ؛ وليس كذلك.
وعلى هذا : بنى الأصحاب امتناع التغاير بين ذات القديم ، وصفاته والصفات القديمة بعضها بالنسبة إلى بعض ؛ لكونهما وجوديان يمتنع مفارقة البعض (١١) / / منهما للبعض ، لا بالعدم ضرورة قدمها ، واستحالة عدم القديم.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة لما ورد هاهنا : انظر الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين الجوينى ص ٣٣٢ وما بعدها ، القول فى حقيقة الغيرين.
والمواقف للإيجي ص ٨٠ ، ٨١ ، وشرح المواقف للجرجانى ٤ / ٥١ وما بعدها.
(٢) قارن بما ورد فى الشامل فى أصول الدين ص ٣٣٢ وما بعدها.
(٣) من أوال «وإنما قيد .... إلى قوله : صفة العدم» ساقط من ب.
(١١)/ / أول ل ٤٢ / أمن النسخة ب.