الفصل الثامن
فى معنى المتقدم والمتأخر ومعا (١)
أما المتقدم : فقد قالت الفلاسفة : لا يخرج عن خمسة أقسام (٢) وهى :
المتقدم بالذات ، والمتقدم بالطبع ، والمتقدم بالشرف والمتقدم بالرتبة ، والمتقدم بالزمان.
أما المتقدم بالذات :
وهو المتقدم بالعلية (٣) : فهو إما فاعل ، أو مادة ، أو صورة ، أو غاية.
أما الفاعل : فهو ما وجود غيره مستفاد من وجوده ؛ ووجوده غير مستفاد من ذلك الغير.
وهو إما أن يكون فاعلا لذاته ، أو لصفة زائدة على ذاته.
فإن كان الأول : فيسمى الفاعل بالطبع.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة راجع ما يلى :
الملل والنحل للشهرستانى ٢ / ١٧٩ المسألة الرابعة : فى المتقدم والمتأخر. والمواقف للإيجي ص ١٧٩. وشرح المواقف للجرجانى ٦ / ٢٧٨ ـ ٢٨٤ وشرح مطالع الانظار للأصفهانى ص ١٠٨.
(٢) وقد جمعها بعض العلماء في بيتين من الشعر فقال :
وخمسة أنواع التقدم يا فتى |
|
أقربها بيت من الشعر واعترف |
تقدم طبع والزمان وعلة |
|
ورتبة أيضا والتقدم بالشرف |
[توضيح حاشية الباجورى على السلم فى المنطق تحقيق الدكتور أحمد المهدى ص ٢٥].
(٣) وقد عرف الآمدي المتقدم بالعلية فقال : «أما المتقدم بالعلية : فعبارة عما وجود غيره مستفاد من وجوده ، ووجوده غير مستفاد من ذلك الغير ولكنه لا يكون إلا معه فى الوجود : كحركة اليد بالنسبة إلى حركة الخاتم». ثم عرف العلة فقال : «وأما العلة : فقد تطلق ويراد بها العلة الفاعلية ، أو العلة المادية أو العلة الصورية ، أو العلة الغائية.
فأما العلة الفاعلية : فعبارة عما وجود غيره مستفاد من وجوده ووجوده غير مستفاد من وجود ذلك الغير : كالنجار بالنسبة إلى السرير ، وأما العلة المادية : فقد عرفناها من قبل ؛ وهى كالخشب بالنسبة إلى السرير فإن كانت لم تقترن بها الصورة الممكنة لها ؛ سميت إذ ذاك موضوعا. وأما الصورة : فقد بيناها من قبل ؛ وهى بمنزلة شكل السرير بالنسبة إلى السرير» [المبين فى شرح ألفاظ الحكماء والمتكلمين لسيف الدين الآمدي ص ١١٦ ـ ١١٨].