والمعدومات الممكنة ، وإن كانت عند المعتزلة ذوات ثابتة فى القدم ، فى حالة العدم.
فليست عندهم من العالم ، وإلا كان العالم قديما ؛ ولم يقولوا به. ومن جعل الأحوال المتجددة من العالم ؛ لزمه أن يقول فى رسم العالم : كل ثابت متجدد.
فإنه يدخل فيه مع الموجودات ، الأحوال ؛ لعموم الثبوت للكل ، ويخرج عنه الذوات الثابتة فى العدم ؛ على رأى المعتزلة ؛ إذ هى غير متجددة.
وإذا عرف معنى العالم فى المصطلح ؛ فقد بينا أقسامه من الجواهر والأعراض على الرأى الإسلامى ، والفلسفى فى القسم الثانى من الكتاب ، ونبهنا على ما فيها من المزيف ، والمختار (١).
وأما القديم فقد اختلف المتكلمون فيه : فذهب معمر (٢) ، وعباد الصيمرى (٣) ، إلى أن القديم من أسماء الإضافة ، وكذلك الحادث (٤).
وأنه لا يعقل القديم إلا بالنسبة إلى الحادث ، ولا الحادث إلا بالنسبة إلى القديم.
حتى أن البارى ـ تعالى ـ لا يوصف بكونه قديما قبل حدوث / الحوادث ولا المصحح للوجود يوصف بكونه حادثا ، إلا بالنسبة إلى سبق القديم عليه ؛ وهو باطل.
فإنا إذا فرضنا موجودا طالت مدته ، وقطعنا النظر عن حادث آخر ؛ وجد بعد العدم ؛ فالقول : بتوقف قدمه ، على حدوث الحادث : إما بمعنى أنه لا دوام لمدته دون حدوث الحادث ، أو بمعنى أنه لا يطلق عليه اسم القديم لغة ، دون حدوث الحادث.
فإن كان الأول : فهو خلاف المعقول ، والمحسوس.
__________________
(١) راجع ما مر فى آخر الجزء الأول ـ القسم الثانى ـ فى الموجود الممكن الوجود ل ٣٠٠ / أوما بعدها.
(٢) سبقت ترجمته فى الجزء الأول فى هامش ل ١٨٢ / ب.
(٣) سبقت ترجمته فى الجزء الأول فى هامش ل ٦٤ / ب.
(٤) عرف الآمدي القديم والحادث فقال : «أما القديم : فقد يطلق على ما لا علة لوجوده : كالبارى ـ تعالى ـ وعلى ما لا أول لوجوده ، وإن كان مفتقرا إلى علة : كالعالم على أصل الحكيم».
وأما الحادث : فقد يطلق ويراد به ما يفتقر إلى العلة وإن كان غير مسبوق بالعدم : كالعالم. وعلى ما لوجوده أول وهو مسبوق بالعدم فعلى هذا : العالم إن سمى عندهم قديما ؛ فباعتبار أنه غير مسبوق بالعدم وإن سمى حادثا :
فباعتبار أنه مفتقر إلى العلة فى وجوده.
(المبين للآمدى ١١٨. ١١٩).