وكان عاريا عن الأعراض المتجددة ، المتعاقبة. ثم انقسم وتجزأ ، وتركب ، وتشكل ، ثم قامت به الأعراض.
ومن الدهرية : من زعم أن أصل العالم النور. والظلمة ، وهم الثنوية (١).
وقد استقصينا مذاهبهم ، وبينا اختلافهم ، واضطراب عقائدهم بما فيه مقنع ، وكفاية ؛ فلا حاجة لإعادته. ومن الحكماء من توقف فى القدم ، والحدوث : كجالينوس (٢) ، ومن نصر مذهبه.
وإذ أتينا على ما أردناه من شرح المذاهب ؛ فلا بد من البحث عن مطرح نظر الفريقين ، والكشف عن معتمد معتقد الطائفتين.
وليكن البداء بتقديم النظر فى طرق أهل الحق أولا ، وإبطال شبه أهل الضلال ، والانفصال عنها ثانيا.
وقد (٣) احتج الأصحاب بمسالك :
المسلك الأول (٤) :
أنهم قالوا : العالم ممكن الوجود بذاته ، وكل ما / هو ممكن الوجود بذاته ؛ فهو محدث ؛ فالعالم محدث.
وبيان المقدمة الأولى من ثلاثة أوجه :
الأول :
أنه لا يخلو : إما أن يكون واجبا لذاته ، أو ممتنعا لذاته ، أو ممكنا لذاته.
لا جائز أن يكون ممتنعا لذاته : وإلا لما وجد ؛ وهو موجود
ولا جائز أن يكون واجبا لذاته : لوجهين :
__________________
(١) راجع عنهم ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ النوع السادس الأصل الثانى ـ الفرع السادس : فى الرد على الثنوية والمجوس ل ٢٢٥ / أوما بعدها.
(٢) انظر ترجمته فيما مر هامش ل ١٠٤ / أ.
(٣) نقل ابن تيمية قول الآمدي «وقد احتج الأصحاب بمسالك ... الخ» في كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٢٤٧) وعلق عليه وناقشه.
(٤) وقد نقله ابن تيمية وناقشة وسماه مسلك الإمكان فقال : «الأول : مسلك الإمكان ، وأنه ممكن وكل ممكن محدث» [درء التعارض ٣ / ٤٤٨].