الأول : أن أجزاءه متغيرة عيانا ، وواجب الوجود لذاته ؛ لا يتغير بحال ، فلم يبق إلا أن يكون ممكنا.
الثانى : أنه لو كان واجبا لذاته : فهو لا محالة مركب ، ومؤلف.
وعند ذلك : فإما أن يكون كل واحد من مفرداته واجبا ، أو كل واحد ممكنا ، أو البعض واجبا ، والبعض ممكنا.
لا جائز أن يقال بالأول : والإلزام منه التعدد فى مسمى واجب الوجود لذاته ؛ وهو ممتنع على ما سبق فى الوحدانية (١).
وإن كان الثانى : فما أجزاؤه ممكنة ، أولى أن يكون ممكنا.
وإن كان الثالث : فما بعض أجزائه ممكن ؛ لا يكون واجبا لذاته كيف وأنه لو كان بعض أجزائه واجبا ، والإله ـ تعالى ـ واجب ؛ للزم منه اجتماع واجبين ؛ وهو محال.
الوجه الثانى : فى بيان الإمكان : أن وجود العالم يزيد علي ماهيته [وبيان ما تقدم فى إثبات واجب الوجود (٢).
وإذا كان وجوده زائد على ماهيته] (٣) فإما أن يكون واجبا ، أو جائزا.
لا جائز أن يكون واجبا : إذ هو صفة لماهية العالم ، والصفة مفتقرة إلى الموصوف ؛ وواجب الوجود لا يكون مفتقرا إلى غيره ؛ فلم يبق إلا أن يكون ممكنا.
[الثالث : هو أن أجسام (٤) العالم مؤلفة مركبة ؛ لما سبق بيانه فى الأجسام ، وكل ما كان مؤلفا ، ومركبا ؛ فهو مفتقر إلى أجزائه وكل مفتقر إلى غيره ؛ لا يكون واجبا لذاته.
فالأجسام ممكنة لذواتها ، والأعراض قائمة بالأجسام ، ومفتقرة إليها ، والمفتقر إلى الممكن ؛ أولى أن يكون ممكنا ، والعالم غير خارج عن الأجسام ، والأعراض ؛ فكان ممكنا (٥)].
__________________
(١) انظر الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول : النوع الخامس : فى وحدانية الله ـ تعالى ل ١٦٦ / أوما بعدها.
(٢) راجع ما تقدم فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ل ٤١ / أوما بعدها.
(٣) ساقط من (أ).
(٤) نقل ابن تيمية فى كتابه (درء التعارض ٤ / ٢٤٧) من أول قول الآمدي «أجسام العالم مؤلفة إلى قوله : أولى أن يكون ممكنا» ثم علق عليه وناقشه.
(٥) ساقط من (أ).