بل المؤثر المرجح لها ؛ هو المرجح لموضوعها ؛ وإن كان موضوعها شرطا فى وجودها.
وعند ذلك : فلا يلزم أن يكون المؤثر فيها مقارنا لها وما ذكره من الإلزام بصفات الرب ـ تعالى ـ ، فإنما يلزم من أثبت الصفات الوجودية الزائدة على ذات الرب ـ تعالى.
ولعل المستدل فى حدوث العالم بهذه الطريقة غير قائل بها ؛ فلا يكون الإلزام لازما عليه.
وبتقدير أن يكون المستدل بها أشعريا قائلا بالصفات الزائدة الوجودية ؛ فإنما يلزمه ذلك ؛ أن لو تعين امتناع وجود واجبين فى إثبات إمكان العالم ؛ وليس كذلك علي ما تقدم.
وبتقدير تعينه طريقا فى إثبات الإمكان ، فلا يخفى أن من مذهبه حدوث كل ممكن ، وثبوت الصفات الوجودية للرب تعالى.
وإذا تعذر الجمع بين هذين [الأمرين] (١) ؛ فليس تخطئته فى أحدهما ضرورة تصويبه في الآخر أولى من العكس ؛ بل له أن يقول : أخطأت فى إثبات الصفات ، وأصبت فى حدوث الممكنات.
المسلك الثانى (٢) :
هو أن أجزاء العالم مفتقرة إلى ما يخصصها بما لها من الصفات الجائزة لها.
وكل ما كان كذلك ؛ فهو محدث ؛ فالعالم محدث.
أما المقدمة الأولى : فقد انتهج الأصحاب فيها طريقين :
الأول : أنهم قالوا : كل جسم من أجسام العالم ؛ فهو متناه ، وكل متناه فله شكل معين ، ومقدار معين ، وحيز معين.
أما المقدمة الأولى : فلما سبق تقريره.
وأما المقدمة الثانية : فلأن كل جسم متناه فلا بد له من مقدار معين ، وأن يحيط به
__________________
(١) ساقط من (أ).
(٢) هذا المسلك سماه ابن تيمية «مسلك افتقار الاختصاص إلى مخصص» وبدأ النقل بقوله : قال الآمدي : المسلك الثان : ثم نقله بتمامه في كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٣ / ٣٥١ ـ ٣٥٤) ثم علق عليه وناقشه ابتداء من ص ٣٥٤.