فإن قيل : وإن سلمنا صحة إفضاء النظر إلى العلم (١) مع ما سبق عليه من الإشكالات المشكلة ، والإلزامات الملزمة.
ولكن لا نسلم صحة هذا النوع من النظر : لا بالنظر إلى صورته ، ولا بالنظر إلى معناه.
أما بالنظر إلى صورته : فمن خمسة أوجه :
الأول : هو أن قولكم : العالم مؤلف من أجزاء حادثة ؛ والمؤلف من الأجزاء الحادثة حادث. إما أن يكون المراد به : أن حقيقة الموضوع فى كل واحدة من المقدمتين ، هى حقيقة المحمول عليه ، أو أنه موصوف به ، أو غير ذلك.
فإن كان الأول : وهو أن المفهوم من قولنا : العالم هو نفس المفهوم / من قولنا : مؤلف من أجزاء حادثة.
والمفهوم من قولنا : والمؤلف من الأجزاء الحادثة ، هو نفس المفهوم من قولنا : حادث ، فلا حمل ، ولا وضع في غير الألفاظ المترادفة ، ويرجع حاصل المقدمتين إلى معنى واحد مفرد ؛ ولا إنتاج عنه.
وإن كان الثانى : فحاصل النظم يرجع إلى القول : بأن العالم موصوف بأنه مؤلف من أجزاء حادثة. والمؤلف من الأجزاء الحادثة حادث.
وعند ذلك : فما هو المحمول فى المقدمة الأولى. إنما هو مجموع قولنا : موصوف بأنه مؤلف من أجزاء حادثة والموضوع فى القضية الثانية بعضه وهو القول : والمؤلف من الأجزاء الحادثة ؛ فلا يكون الحد الأوسط بينهما مشتركا فلا إنتاج.
وإن كان الثالث : فهو غير متصور فى النفس ؛ فلا بد من تصوره والدلالة عليه.
الثانى : قولكم : والمؤلف من الأجزاء الحادثة حادث.
إما أن يريدوا به بعض المؤلفات من الأجزاء الحادثة ، أو كل مؤلف من أجزاء حادثة ؛ بحيث يدخل فيه العالم.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الثانية ـ الفصل الثالث : فى أن النظر الصحيح يفضى إلى العلم بالمنظور فيه ل ١٨ / ب وما بعدها.