الثالث : أن العالم فى ابتداء وجوده : يصح أن يقال : إنه حدث الآن ، ولا يصح عليه ذلك فى حال بقائه ؛ مع استمرار ذاته.
وإذا كان حدوثه زائدا على ذاته : فإما أن يكون وجودا (١١) / / أو عدما.
لا جائز أن يكون عدميا لأن نقيض الحدوث ؛ لا حدوث ، ولا حدوث وصف عدمى ؛ لاتصاف العدم القديم به.
ولا جائز أن يكون وجوديا : وإلا فهو إما قديم ، أو حادث.
لا جائز أن يكون قديما : وإلا كان حدوث الحادث قبل وقت حدوثه ؛ وهو محال.
ولا جائز أن يكون حادثا : وإلا كان حادثا ؛ بحدوث آخر ؛ ولزم التسلسل.
وهذه المحالات : إنما لزمت من القول بحدوث العالم ؛ فلا حدوث.
العاشر (١) : لو كان العالم محدثا ؛ فحدوثه : إما أن يكون مساويا له ، من كل وجه ، أو مخالفا له من كل / وجه ، أو مماثلا له من وجه ، دون وجه.
فإن كان الأول : فهو حادث ، والكلام فيه : كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
وإن كان الثانى : فالحدوث ليس بموجود ، وإلا لما كان مخالفا له من كل وجه ؛ وهو خلاف الفرض.
وإذا لم يكن موجودا ؛ امتنع أن يكون موجبا للموجود كما سبق.
وإن كان الثالث : فمن جهة ما هو مماثل للحادث ؛ يجب أن يكون حادثا. والكلام فيه أيضا : كالأول ؛ وهو تسلسل محال.
وهذه المحالات : إنما لزمت من القول بحدوث العالم ؛ فلا حدوث.
__________________
(١١)/ / أول ل ٥٢ / أمن النسخة ب.
(١) نقل ابن تيمية ف كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ١٦٧) هذا الوجه العاشر وهو حجة من حجج القائلين بالقدم ثم ذكر جواب الآمدي عنها ص ١٦٧ ، ١٦٨ وهى فى الأبكار في ل ١٠٢ / ب ثم علق على كلامه وناقشه بالتفصيل ص ١٦٨ وما بعدها وهذه الشبهة العاشرة من شبه الخصوم القائلين بقدم العالم وقد رد عليها وفندها بالتفصيل وأبطلها الإمام الآمدي فيما يلى ل ١٠٢ / ب