للتقدم بالزمان ؛ لكون وجوده غير زمانى على ما تقدم (١). وكذلك ليس متقدما بالمكان ؛ لأن وجوده ليس وجودا مكانيا (٢).
فإذا قيل : إنه متقدم بالزمان ؛ كان محالا كما إذا قيل إنه متقدم بالمكان.
وعند ذلك : فلا يلزم من نفى المدة الزمانية ، بين البارى ـ تعالى ـ وبين العالم ، ومن نفى تقدم البارى ، على العالم بالزمان ، المعية بينه ـ تعالى ـ ، وبين العالم.
كما لا يلزم من القول بنفى المكان ، والتقدم به على العالم ؛ المعية بينهما.
ولو لزم من نفى تقدم أحد الشيئين على الآخر ، بالزمان المعية بينهما ؛ للزم أن يكون الزمان الماضى مع الحالى ، والحالى مع المستقبل ؛ لاستحالة تقدم الزمان ، على الزمان بالزمان كما تقدم تعريفه (٣).
كيف : وأنه إذا أريد بالمدة الزمان : كان التقسيم خطأ ؛ إذا الزمان من / العالم ، والكلام أيضا واقع فيه.
فإذا قيل : إما أن يكون بين البارى ـ تعالى ـ وبين العالم زمان ، أو ليس بينهما زمان. كان حاصله يرجع إلى أنه : إما أن يكون بين الزمان ، وبين البارى ـ تعالى زمان. أو ليس بينهما زمان ؛ وهو محال ، إذ الزمان الّذي وقع الخلاف فيه ؛ لا يكون متقدما على نفسه بحيث يفرض أن بين البارى ـ تعالى ـ وبين نفسه ؛ هذا كله إن أريد بالمدة الزمان.
وإن أريد بها معنى تقديرى وهمى : وهو ما يقدره المقدر مع نفسه ، وتصوره فى وهمه من المدة التى لا نهاية لها كما يقدره الوهم من أبعاد لا نهاية لها فذلك مما لا حقيقة له ، ولا وجود ؛ وإنما هو من تقديرات الأوهام الكاذبة.
ولا يخفى أن إثبات المدة بهذا الاعتبار غير موجب لقدم الزمان ، ولا نفيها موجب للمعية بين البارى (١١) / / تعالى ، والعالم.
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ النوع الرابع ـ المسألة السادسة : فى أن وجود الرب ـ تعالى ـ ليس فى زمان ل ١٥٥ / أ.
(٢) راجع ما تقدم فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ النوع الرابع ـ المسألة الخامسة : فى أن الله ـ تعالى ـ ليس فى جهة ولا مكان ل ١٥٠ / أ.
(٣) راجع ما تقدم ل ٨١ / ب وما بعدها.
(١١)/ / أول ل ٥٤ / أ.