الأصل الخامس
فى فناء الجواهر والإعراض (١)
وقد اختلف فى ذلك :
فذهبت الفلاسفة : إلى أنّ أجسام السموات ، ونفوسها ، والعقول التى هى مبادي لها ، والجسم المشترك بين العناصر والنفوس الإنسانية لا يتصور عليها الفناء والعدم.
وأما الأزمنة والحركات الدورية الفلكية : فإن آحاد أشخاصها وإن تصور عليها الفناء والعدم ؛ فلا يتصور الفناء والعدم على جملتها : بمعنى أنه ما من زمان وحركة ، إلا وبعده زمان وحركة.
وذهب الجاحظ ، وابن الراوندى ، وجماعة من الكرامية : إلى أن ما وجد من الجواهر لا يتصور عدمه مطلقا. وأن الله ـ تعالى ـ لو أراد إعدامه ؛ لم يكن ذلك ممكنا له.
والّذي عليه اتفاق أهل الحق من الاسلاميين وغيرهم : القضاء بصحة فناء العالم جواهره ، وأعراضه.
ثم اختلفوا فى طريق وقوع الفناء ، وفى معرفة صحته :
أما طريق الفناء : أما فناء الأعراض ، وعدمها : فعند أصحابنا بذواتها ؛ لاستحالة بقائها على ما تقدم (٢).
وأما المعتزلة :
فذهب البصريون منهم : إلى أن فناء الأعراض النامية بعدم محالها وهى الجواهر. وفناء ما ليس باقيا بنفسه.
__________________
(١) اهتم الإمام الأشعرى بهذا المبحث فى كتابه مقالات الإسلامين الجزء الثانى ص ٤٦ وما بعدها. وذكر بالتفصيل مقالات الإسلاميين واختلافهم فى فقرات عدة.
ففى الفقرة ٢٨ ـ هل تبقى الأعراض؟ تحدث على الآراء فيها بالتفصيل ٢ / ٤٦ ـ ٤٨.
وفى الفقرة ٢٩ ـ هل تفنى الأعراض؟ ذكر اختلاف العلماء فيها ص ٤٨.
وفى الفقرة ٣٠ ـ هل للأعراض بقاء؟ ذكر اختلاف العلماء فيها بإيجاز.
وفى الفقرة ٣١ ـ قولهم فى فناء الأعراض؟ ذكر اختلاف العلماء فيها بإيجاز.
ولمزيد من البحث والدراسة : انظر فى هذا المبحث : أصول الدين للبغدادى ص ٥٠ ـ ٥٢.
وشرح المواقف للجرجانى ٥ / ٣٨ ـ ٥٥.
(٢) راجع ما سبق فى الفرع الرابع : فى تجدد الأعراض ، واستحالة بقائها ل ٤٤ / ب وما بعدها.