أما طريق الرد على الفلاسفة ، والجاحظ ، وكل من أنكر جواز فناء العالم [أو شيء منه (١)] أن يقال :
قد ثبت أن العالم ، وكل جزء من أجزائه ، ممكن الوجود لذاته وكل ما هو ممكن الوجود لذاته ؛ فهو لذاته قابل للوجود ، والعدم بحيث لو فرض موجودا بعد العدم ، أو معدوما ، بعد الوجود ؛ لم يعرض عنه المحال لذاته.
فإنه لو عرض عنه المحال من فرض وجوده ؛ لكان قسما ممتنعا لذاته.
ولو كان كذلك ، لما وجد ولا بغيره. ولو عرض المحال عنه من فرض عدمه ؛ لكان واجبا لذاته. ولو كان كذلك ؛ لما تصور عليه العدم.
وقد كان العالم / معدوما قبل وجوده على ما تقرر فى مسألة حدوث العالم (٢).
فإذن قد ثبت جواز الفناء على العالم ، وأجزائه عقلا.
فإن قيل : العالم وإن كان ممكن الوجود ، والعدم لذاته ؛ غير أن امتناع قيامه باعتبار غيره.
وبيانه : أن كل ما كان من العالم موجودا باقيا ، لو عدم :
فإما أن يكون عدمه فى وقت عدمه ؛ واجبا لذاته ، أو جائزا لذاته.
لا جائز أن يكون واجبا لذاته :
فإنا لو فرضناه موجودا وقت عدمه بدلا من عدمه ، لم يعرض عنه لذاته المحال.
وما هذا شأنه لا يكون عدمه واجبا لذاته.
وإن كان جائزا لذاته : فإما أن يفتقر عدمه إلى مقتض للعدم ؛ أو لا يفتقر ، فإن افتقر إلى مقتض للعدم ؛ [فذلك المقتضى : إما أن يكون وجوديا أو عدميا.
وعلى كل تقدير. فالعدم ممتنع ؛ لما سبق فى مسألة بقاء العرض.
__________________
(١) ساقط من «أ».
(٢) راجع ما سبق فى الأصل الرابع : فى حدوث العالم ل ٨٢ / ب وما بعدها.