الفصل الثالث
فى تحقيق معنى الشيء ، واختلاف الناس فيه (١)
مذهب أهل الحق من الأشاعرة :
أن لفظ الشيء : عبارة عن الموجود لا غير ؛ فكل شيء عندهم موجود وكل موجود شيء. ووافقهم على ذلك الكعبى من المعتزلة.
وذهب الجاحظ والبصريون من المعتزلة :
إلى أن الشيء هو المعلوم والتزموا على ذلك كون المعدوم الممكن شيئا وحقيقة.
وذهب أبو العباس الناشئ (٢).
إلى أن الشيء هو القديم. وإن اطلق اسم الشيء على الحادث ؛ فلا يكون حقيقة ؛ بل تجوّزا.
وذهبت الجهمية : إلى أن الشيء : هو الحادث ، دون القديم.
وذهب هشام بن الحكم : إلى أن الشيء : هو الجسم ولا شيء فى الحقيقة سواه.
وذهب أبو الحسين البصرى ، والنصيبى (٣) من معتزلة البصريين :
إلى أن الشيء حقيقة فى الموجود مجاز فى المعدوم الممكن.
واعلم أن النزاع هاهنا نفيا ، وإثباتا ؛ إنما هو فى الإطلاق اللفظى دون المعنى.
وعلى هذا : فما كان على وفق اللغة واللغة شاهدة له ؛ فهو الحق.
وما (٤) كان على (٤) خلاف اللغة : فمردود ولا مجال للعقل فى إثبات اللغات.
وعند هذا : فلا بد من تحقيق مذهب أهل الحق أولا ، والانعطاف على إبطال مذهب الخصوم ثانيا.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة ارجع إلى المواقف للإيجي ص ٥٣ ـ ٥٧ وشرح المواقف للجرجانى ٢ / ١٨٩ ـ ٢١٩ فقد استفاد المؤلف والشارح من الآمدي ، ووضحا أقواله بشرحها والتعليق عليها.
(٢) أبو العباس الناشئ : هو على بن عبد الله بن وصيف البغدادى المعروف بالناشئ الأصغر. متكلم شاعر. له تصانيف منها كتاب فى الإمامة وشعر مدون فى أهل البيت توفى ببغداد سنة ٣٦٦ ه [روضات الجنات للخوانسارى ص ٤٨٠ ، معجم المؤلفين ٧ / ١٤٢].
(٣) النصيبى : هو أبو إسحاق النصيبى. من معتزلة البصرة (انظر عنه الوافى بالوفيات ٣ / ٧).
(٤) (وما كان على) ساقط من ب.