الفصل الرابع
فى أن المعدوم هل هو شيء وذات ثابتة فى العدم ، أم لا؟ (١)
وإذ بينا انقسام المعدوم إلى ممتنع الوجود لذاته ، وممكن الوجود لذاته.
فقد اتفق العقلاء قاطبة : على أن المعدوم الممتنع ليس بشيء فى نفسه ، ولا يطلق عليه الشيء لفظا.
وأما المعدوم الممكن : فقد اختلفوا فيه :
فذهب أهل الحق من الأشاعرة : إلى أنه ليس بشيء فى ذاته ، ولا له حقيقة ثابتة حالة عدمه ، كما فى المعدوم الممتنع الوجود.
وأنه لا حقيقة له وراء وجوده ؛ بل وجوده ذاته (١١) / / وذاته وجوده ووافقهم على ذلك جماعة من المعتزلة ، كالنصيبى (٢) من البصريين. والكعبى ، ومتبعوه من البغداديين. وأبى الحسين البصرى ، وغيرهم.
وذهب / جماعة من البصريين : كالجبائى ، وابنه ، والشحام (٣) ، وأتباعهم إلى أن المعدوم الممكن فى حالة عدمه شيء ، وذات ثابتة وحقيقة مقررة ، وأنه موصوف بخصائص النفس : ككونه جوهرا وعرضا وسوادا وبياضا ، أو لونا ، أو طعما ، أو رائحة ، إلى غير ذلك من خصائص الأجناس : كوصفه بها حالة الوجود.
ثم اختلف هؤلاء :
فذهب الجبائى ، وابنه وجماعة منهم : إلى أنه لا يوصف المعدوم فى حالة عدمه إن كان جوهرا بقبوله للأعراض ولا بالتحيز ، ولا بقيامه بالجوهر إن كان عرضا.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة لما أورده الآمدي هاهنا :
انظر الشامل لإمام الحرمين الجوينى ص ١٢٤ ـ ١٣٩ فقد تحدث عن هذا بالتفصيل وأيد المذهب الحق ، وهو مذهب الأشاعرة ومن وافقهم ورد على مخالفيهم بالتفصيل. ومن المتأثرين بالآمدي انظر من كتبهم :
المواقف لعضد الدين الإيجى ص ٥٣ ـ ٥٧ وشرح المواقف للشريف الجرجانى ٢ / ١٨٩ ـ ٢١٩ وشرح المقاصد لسعد الدين التفتازانى ١ / ٦٨ وما بعدها.
(١١)/ / أول ل ٥٨ / أ.
(٢) النصيبى : هو أبو إسحاق النصيبى. من معتزلة البصرة (انظر عنه ما سبق فى هامش ل ١٠٧ / ب).
(٣) الشحام : هو أبو يعقوب يوسف بن عبد الله إسحاق الشحام ، من أصحاب أبى الهذيل العلاف ، انتهت إليه رئاسة المعتزلة فى البلدة فى وقته (طبقات المعتزلة ص ٧٢).