والثانى أيضا محال ؛ لأن القائل منهم بذلك إما أن يكون قائلا بنفى الأحوال ، أو هو قائل بها.
فإن كان قائلا بنفى الأحوال : فتأثير القدرة فى الحال ؛ ولا حال محال.
وإن كان قائلا بثبوت الأحوال : كأبي هاشم ، ومن نصر مذهبه ؛ فهو معترف بأن الحال ليست معلومة ولا مجهولة ولا مقدورة ولا معجوز عنها. وإذا بطل تأثير القدرة أو القادرية فى الذات وفى حال زائدة على الذات ؛ فقد بطل الاختراع والحدوث وهو محال.
المسلك الثالث : أنه لو كانت ذات السواد والبياض ثابتة فى العدم فإما أن تكون بذاتها مستغنية عن محل تقوم به ، أو هى غير مستغنية.
فإن كان الأول : كما قاله البصريون من المعتزلة ؛ فيلزم أن تكون أيضا بذاتها مستغنية عن المحل حالة الوجود ؛ ضرورة اتحاد الذات. وأن ما ثبت للذات لذاتها ؛ يكون ملازما لها.
ويلزم من ذلك امتناع الفرق بين الجواهر والأعراض ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى / وهو أن تكون مفتقرة إلى المحل لذاتها كما قاله الشحام (١) من المعتزلة.
فلو فرضنا سوادا وبياضا متعاقبين على محل واحد فى طرف الوجود. فإما أن يكونا قبل وجودهما قائمين بذلك المحل ، أو بغيره أو أحدهما قائم به ، والآخر قائم بغيره.
لا جائز أن يقال : بالثانى والثالث
وإلا لزم الانتقال عليهما [أو على أحدهما] (٢) عند فرض حلولهما فى المحل المفروض ؛ والانتقال على الأعراض محال : كما سبق (٣).
فلم يبق إلا القسم الأول :
وهو أن يكونا قائمين به بصفة الاجتماع فيه فى حالة العدم ولو كان كذلك لما
__________________
(١) انظر الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ١٢٤.
(٢) ساقط من أ.
(٣) راجع ما سبق ل ٤٤ / ب وما بعدها.