والكلام فيها كالكلام فى الأوّل ؛ وهو تسلسل ممتنع. فلم يبق إلا أن تكون أزلية الثبوت فى حالة العدم وهو المطلوب.
الشبهة الثانية :
أن العلم متعلق بالمعدومات المتمايزة على ما سبق فى الفصل الثانى من هذا الباب (١).
والتمايز بين المعدومات يستدعى تقرير ماهياتها وذواتها فى العدم ، وبيانه من وجهين:
الأوّل : أنه يصح الحكم على كل واحد من المعدومات بأنه متميز عن الباقى ، وهو حكم / إيجابى والحكم الإيجابي يستدعى تقرر ذات المحكوم عليه.
الثانى : أنها إذا كانت متمايزة فلا بد أن تكون أمورا ثابتة ، أو البعض ثابت والبعض منفى ؛ لاستحالة وقوع التمايز فى المنفيات المحضة ، والاعدام الصرفة.
وعلى هذا : فإن كان القسم الأول ؛ فهو المطلوب.
وإن كان القسم الثانى : فقد سلم أن ذات بعض المعدومات ثابتة ، ويلزم منه ثبوت الباقى ؛ لاستحالة الفرق بين معدم ومعدوم من الجائزات.
الشبهة الثالثة :
هو أن المعدومات الممكنة متصفة بصفة الإمكان قبل حدوثها ، والإمكان صفة ثبوتية فكان المتصف به ثبوتيا ، وتقرير الأمرين كما تقدم فى مسألة حدوث العالم (٢).
الشبهة الرابعة :
أن المعدومات منقسمة : إلى ممتنع وغير ممتنع ؛ ونقيض الممتنع ليس ممتنعا.
والممتنع نفى محض فنقيضه يجب أن يكون ثبوتيا ؛ وذلك يعم الواجب الوجود لذاته وممكن الوجود لذاته.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الفصل الثانى : فى أن المعدوم هل هو معلوم ، أم لا؟ ل ١٠٧ / أ.
(٢) راجع ما سبق فى الأصل الرابع : فى حدوث العالم. ل ٨٢ / ب وما بعدها.