فإن هذا القائل : إما أن يفرق بين ما به تتفق الذوات وتفترق ، وبين ما به تتفق الأحوال ، وتفترق على ما هو مذهب القائل بالأحوال ؛ فإن عنده الذوات هى التى تتفق ، وتفترق بالأحوال.
أما اتفاق الأحوال ، وافتراقها ليس إلا بذواتها كما يأتى (١) ، أو أنه لا يعترف بالفرق.
بل نقول كل ما يقع به الاتفاق ، والافتراق ؛ فهو حال. فإن اعترف بالفرق ؛ فلا اتجاه لما ذكره. وإن لم يعترف بالفرق : فالأحوال لا بد لها من اتفاق ، وافتراق ؛ فإنها مع اتفاقها وانقسامها إلى معللة وغير معللة (٢) كما يأتى : متفقة فى معنى الحالية.
فاذا كان اتفاقها ، وافتراقها ؛ لا يكون إلا بأمور زائدة عليها والاتفاق ، والافتراق بالأمور الزائدة يكون حالا ؛ فقد اعترف بإثبات الحال للحال من غير تحديد ، ولا رسم.
كيف وأن ما فرّ منه فى التحديد من ثبوت الحال للحال ؛ لازم له فى التعريف بالقسمة ؛ فليس ما أبطله بأولى مما عينه ؛ وذلك لأن من ضرورة القسمة وقوع ما به الانقسام ، وإلا فلا تمييز ولا قسمة.
وكل ما يقع به الانقسام ، والافتراق ؛ فهو محال ، ولا محيص له عنه.
وعند هذا فنقول : الحال عند القائل بها عبارة عن كل صفة (١١) / / إثباتية لموجود غير متصفة بأنها موجودة ، ولا معدومة.
فقولنا : صفة إثباتية : احتراز عن الصفات السلبية.
وقولنا : لموجود : احتراز من كون الجوهر جوهرا ، وكون العرض عرضا ؛ فإن بين الصفات الإثباتية للجوهر ، والعرض فى حال عدمه عند المعتزلة وليس بحال ؛ لأنه ليس صفة إثباتية لموجود.
__________________
(١) انظر ما سيأتى ل ١١٥ / ب وما بعدها.
(٢) من المفيد فى هذا المقام نقل ما ذكره الآمدي فى كتابه (المبين فى شرح معانى ألفاظ الحكماء والمتكلمين) لأهميته فى شرح هذا الموضوع «أما الصفة الحالية : ويعبر عنها بالصفة المعللة فما كانت فى الحكم بها على الذات تفتقر إلى قيام صفة أخرى بالذات : ككون العالم عالما ، والقادر قادرا.
وأما الصفة غير المعللة : فلا يفتقر الحكم بها على الذات إلى قيام صفة أخرى بالذات كالعلم والقدرة ونحوهما.
وقد يعبر عنها بالصفات النفسية.
وأما الأحوال : فعبارة عن صفات إثباتية غير متصفة بالوجود ، ولا بالعدم. وقد يمكن أن يعبر عنها بما به الاتفاق والافتراق بين الذوات (المبين للآمدى ص ١٢٠ ، ١٢١).
(١١)/ / أول ل ٦١ / أ. من النسخة ب.