وهذا فى غاية الضعف ؛ وذلك لأن القول بصحة التعليل ، وجعل العلم علة كون العالم عالما ؛ إنما هو فرع القول بالأحوال.
وإلا فمن نفى الأحوال ؛ فلا علة عنده ولا معلول ، ولا معنى لكون العالم عالما عنده ؛ غير أنه قام به العلم لا غير. ولا يلزم من إبطال إثبات الصفات بهذا الطريق ؛ إبطال كل طريق. اللهم إلا أن يبين أنه لا طريق إلى إثبات الصفات إلا هذا الطريق ؛ ولا سبيل إليه إلا بالبحث ، والسبر مع عدم الاطلاع عليه وهو غير يقينى (١).
المسلك الثانى : أنهم قالوا : الجوهر متحيز بالاتفاق. وتحيزه زائد على وجوده. ويدل عليه أمران :
الأول : أنه قد يعلم وجود الجوهر من جهل تحيزه ؛ والمعلوم مغاير للمجهول.
الثانى : أن العلم بوجود الجوهر بتقدير الوجود ضرورى ، والعلم بالتحيز نظرى ؛ والمعلوم بالضرورة غير المعلوم بالنظر ، والاستدلال
وإذا كان التحيز زائدا على وجود الجوهر : فإما أن يكون نفيا ، أو ثبوتا.
لا جائز أن يكون [نفيا] (٢) إذ هو على خلاف الاتفاق ، ولأن نقيض التحيز لا تحيز. ولا تحيز صفة للممتنع الوجود ؛ فلا يكون صفة ثبوتية ؛ وإلا قامت الصفة الثبوتية بالعدم المحض ؛ وهو محال.
فلم يبق إلا أن يكون التحيز الزائد على وجود الجوهر صفة ثبوتية ؛ وهو المعنى بالحال.
وهذا المسلك أيضا ضعيف. إذ لقائل أن يقول : وإن سلمنا أن تحيزّ الجوهر [صفة زائدة على نفس وجود الجوهر. وأنه صفة ثبوتية ؛ ولكن لا نسلم أنه صفة حالية ؛ بل يبقى مع كونه] (٣) صفة ثبوتية ، صفة وجودية تابعة لنفس الجوهر ولازمة له.
وإنما يتم كونه صفة حالية : أن لو بين أنه مع ثبوته غير وجودى من جهة أن / الأحوال غير متصفة بالوجود ، ولا سبيل إليه.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الثالثة ل ٣٩ / أ.
(٢) ساقط من «أ».
(٣) ساقط من «أ».