المسلك الثالث : أنهم قالوا : المختلفان : إما أن يختلفا بوجوديهما ، أو بحال زائدة عليهما.
فإن كان الأول : فهو محال ؛ لما سبق (١) فى بيان وجوب الاشتراك [على الموجودات فى صفة الوجود ، ولأن الوجود لا معنى له ، إلا الثبوت ، والثبوت مشترك بين المختلفات.
وما به الاشتراك] (٢) لا يكون ، هو ما به الاختلاف.
وإن كان الثانى : فهو المطلوب ؛ وهو من النمط الّذي قبله فى الفساد لوجهين :
الأول : أنه قد علم من مذهب القائل بنفى الأحوال. أن الوجود نفس الذات غير زائد عليها. والذوات مختلفة بذواتها ؛ فيكون الاختلاف بين المختلفات بنفس الوجود وما ذكر فى بيان الاشتراك فى معنى الوجود ؛ وقد أبطلناه فيما تقدم (٣)
وعلى هذا : فثبوت الحقيقة أيضا غير خارج عن نفس الحقيقة.
الثانى : وإن سلمنا أن الوجود زائد على نفس الذات ، وأنه مشترك بين جميع الذوات ؛ فما المانع أن يكون الاختلاف بين (٤) المختلفات (٤) لذواتها لا للوجود ، ولا لصفة حالية زائدة عليها ؛ وهذه مطالبة لا مخلص منها.
المسلك الرابع : أنهم قالوا : العالم بعلم ، أو لا كونه عالما قبل نظره فى إثبات الأعراض.
وعند ذلك : فلا يخلو إما أن تكون معلومة ذاته ، أو علمه ، أو كونه عالما ، أو لا معلوم له.
لا جائز أن تكون معلومة ذاته فقط ؛ فإن كونه عالما زائد على ذاته ولهذا يصحّ العلم بالذات مع الجهل بكونها عالمة. والمعلوم غير المجهول.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الأصل الثالث ـ الفصل الرابع ل ٧٦ / ب وما بعدها.
(٢) ساقط من «أ».
(٣) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الأول ـ المسألة الرابعة ل ٥٣ / أوما بعدها.
(٤) (بين المختلفات) ساقط من ب.