الفصل الأول
فى حقيقة العلة والمعلول (١)
أما العلة : فقد اختلف القائلون بالأحوال فى معناها :
فمنهم من قال : العلة ما أوجبت معلولها عقيبها على الاتصال إذا لم يمنع منه مانع (٢) ؛ وهو فاسد من جهة أنه عرف العلة بالمعلول ؛ وهو مشتق منها ؛ فيكون أخفى منها ؛ وتعريف الأظهر بالأخفى ممتنع.
وأيضا : فإن العلة فى أول زمان / وجودها : إن أوجبت معلولها ؛ فلا معنى للتعقب.
وإن لم توجبه إلا فى الوقت الثانى من وجودها ؛ فيلزم منه أن يكون العلم بالشيء قد قام بالشخص فى الزمن الأول ؛ وهو غير عالم ؛ وذلك محال ؛ وبه يبطل القول بالممانعة أيضا ، وكذلك فى كل علة مع معلولها.
ومنهم من قال : العلة ما كان المعتل به معللا ؛ وهو قوله : كان كذا لأجل كذا ؛ وهو أيضا فاسد ؛ لأنه عرف العلة بالمعتل ، والمعلل ؛ وهما أخفى من العلة (٣).
كيف : وفيه ردّ العلة إلى القول. والقول غير موجب لقيام حكم العلم بمحله ؛ على ما لا يخفى.
ومنهم من قال : العلة هى ما تغير حكم محلها ، أو تنقله من حال إلى حال (٤) ، ويبطل بالسّواد الحادث بحدوث الجسم [والعلم الحادث بحدوث الجسم] (٥) فى أول زمان وجود الجسم ؛ فإنه [علة كونه] (٦) عالما وأسود. وإن لم يكن معتبرا بحكم المحل ؛ إذ لا حكم له قبل ذلك ؛ لكونه معدوما.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة بالإضافة لما ورد هاهنا انظر من كتب السابقين :
الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين الجوينى ص ٦٤٦ ـ ٦٥٠ ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي انظر المواقف للإيجي ص ٩٢ وشرح المواقف للجرجانى ٤ / ١٨٤ ـ ١٨٨ وشرح المقاصد ١ / ٣٣٨ وشرح مطالع الأنظار للأصفهانى ص ٦٨ وما بعدها.
(٢) هذا التعريف للكعبى ، وهو تعريف فاسد كما حكم عليه الآمدي انظر الشامل للجوينى ص ٦٤٦.
(٣) هذا التعريف اختاره ابن الراوندى. انظر الشامل للجوينى ص ٦٤٦.
(٤) هذا التعريف نسبه إمام الحرمين الجوينى لمعظم المعتزلة انظر الشامل فى أصول الدين ص ٦٤٦.
(٥) ساقط من «أ».
(٦) ساقط من «أ».