ومنهم من قال : العلّة هى التى يتجدد الحكم بتجدّدها ؛ وهو باطل ، بما بيّنا من العلم القديم ؛ فإنه موجب كون البارى ـ تعالى ـ عالما ؛ وهو علة له من غير تجدد.
ومنهم من قال : العلة هى المؤثرة فى الحكم. وظاهر لفظ التأثير يستدعى سابقة وجود الحكم. حتى تؤثر العلّة فيه ؛ فيكون الحكم سابقا على تأثير العلة فيه ؛ وهو ممتنع.
وقال الأستاذ أبو بكر : (١)
العلة : هى التى توجب استحقاق حكم المحل ، وتسميته به وهو إن فسّر الحكم بالتّسمية.
فالتسمية راجعة إلى اللغة والوضع ؛ وقيام الأعراض بمحالها ؛ غير موجب لاستحقاق الوضع.
وإن فسّرها بالمعنى الحالى ، فهو غير قائل بالأحوال [إلا أن يكون ذاكرا ذلك على مذهب القائل بها] (٢).
وقد قيل فى ذلك عبارات أخرى غير وافية بالغرض إلا بنوع تكلّف ؛ فلذلك آثرنا الإعراض عنها
والأقرب فى ذلك ما ذكره القاضى أبو بكر :
من أن العلة هى : الصفة الموجبة لمن قامت به حكما (٣).
فقوله : الصفة : تميز العلة عن الذوات القائمة بأنفسها : كالجواهر ؛ فإنها لا تكون عللا للأحوال الإحكامية :
وهى عامة للصفات القديمة : كالعلم ، والقدرة لله ـ تعالى ، ونحوه
والصفات الحادثة : كعلم الواحد منّا ، وقدرته ، وسواده ، وبياضه ، ونحوه
__________________
(١) قارن بما ورد فى الشامل للجوينى ص ٦٤٦.
(٢) ساقط من «أ».
(٣) قارن بما ورد فى الشامل للجوينى ص ٦٤٦. فقد قال : «والصحيح فى حقيقة العلة ما ارتضاه القاضى ـ رضى الله عنه ـ حيث قال : العلة هى الصفة الموجبة لمن قامت به حكما».