فإذا قدر العلم معدوما ؛ فقد انتفت علّة العالمية ، وامتنع الحكم بها ؛ ولا يلزم من ذلك امتناع صحّة التعليل بالعلة ، إذا كان مسماها عدما ؛ وهو متحقق إلا أن يدلّ عليه الدليل.
وما ذكر : فإنما هو دليل على أن علة الحكم إذا انتفت ؛ انتفى الحكم ؛ ولا يلزم منه ، امتناع التعليل بالعدم.
المسلك الثالث :
أنهم قالوا : شرط العلة قيامها بمن له الحكم على ما يأتى بيانه ؛ والمعدوم غير قائم بمحل الحكم ؛ فلا يكون علة ؛ وفيه نظر أيضا.
فإنه إن أريد بأن شرط العلّة : قيامها بمن له الحكم. أن يكون صفة موجودة فيه ؛ فهو مبنى على اشتراط ، كون العلة وجودية ؛ وهو غير مسلم.
وإن أريد أنها لا بدّ وأن تكون صفة لمن له الحكم ؛ فلا نسلم امتناع صحة اتصاف محل الحكم بالصفات العدمية ، والأمور السلبية.
ولهذا : فإنه كما يصح وصف المحل بالصفات الوجودية. يصح وصفه بالصفات السلبية كما يقال : المحل ليس بعالم ، ليس بقادر ليس بأسود ، إلى غير ذلك من الصفات.
والمعتمد فى ذلك أن يقال : الحكم [علة موجبة لكون العالم عالما بالاتفاق من القائلين بالأحوال] (١) ؛ فلا بد وأن يكون ثبوتيا.
ويمتنع أن يكون عدميّا على ما يأتى تحقيقه فيما يعلل ، وما لا يعلل (٢) وإذا كان الحكم المعلل ثبوتيا : فالعلة الموجبة له يمتنع أن تكون عدمية ؛ لأن المعدوم منفى (٣) على ما عرف فى مسألة المعدوم (٣).
هل هو شيء ؛ والمنفى لا يكون موجبا لاثبات أمور وهو معلوم بالضرورة ، ولأن كونه موجبا للثابت صفة ثبوتية ، والصفة الثبوتية ، لا تقوم بالمنفى.
__________________
(١) ساقط من «أ».
(٢) انظر ما سيأتى فى الفصل الثامن : فيما يعلل وما لا يعلل ل ١٢٥ / ب.
(٣) (على ما عرف فى مسألة المعدوم) ساقط من ب ـ راجع ما سبق فى الفصل الرابع ل ١٠٨ / ب.