الفصل السابع
فى امتناع تعرى الجوهر عن الأعراض ، وتعليل قبوله لها (١)
مذهب أهل الحق : أن الجوهر المتحيز لا يخلو عن شيء من الأعراض ، أو عن ضده. وذهب بعض الدهرية (٢) : إلى أن الجواهر كانت خالية عن جميع أجناس الأعراض أزلا دون لا يزال.
وذهب الصالحى من المعتزلة : إلى جواز تعرّى الجواهر عن جميع الأعراض فيما لا يزال (٣).
وذهب البصريون من المعتزلة : إلى امتناع تعريها عن الأكوان دون غيرها من الأعراض (٤).
وذهب البغداديون : منهم إلى امتناع تعريها عن الألوان دون غيرها.
وقد اعتمد أهل الحق فى ذلك على مسالك لا تقوى. /
المسلك الأول : أنهم قالوا : من قال بجواز خلو الجواهر عن الأعراض موافق على امتناع خلوها عنها ، أو عن أضدادها ، بعد قيامها بها. ويلزم من ذلك امتناع خلوها عنها فى أول حال وجودها ؛ وذلك لان امتناع خلو الجوهر عن العرض ، أو عن ضده بعد قيامه به : إما أن يكون لأن العرض بعد وجوده لا يعدم الا بطرو ضده ، وكذلك الكلام فى الضدّ على ما هو مذهبهم وإما لكون الجوهر قابلا للعرض ، وإما لذات الجوهر.
لا جائز أن يقال بالأول : فإن الضدّ المعدم لا يتصور وجوده إلا بعد عدم الضّد السابق.
__________________
(١) انظر مقالات الإسلاميين للإمام الأشعرى ٢ / ١٠ ـ ١٣. والشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين الجوينى ص ٢٠٩ وما بعدها. والمواقف للإيجي ـ الموقف الرابع ـ المرصد الثانى ـ المقصد السادس ص ٢٥٢ ، ٢٥٣. وشرح المواقف للجرجانى ٦ / ٢٤٠ ـ ٢٤٣.
(٢) الدهرية : قال شارح المواقف فى شرح رأيهم «قالوا : إن الجواهر كانت خالية فى الأزل عن جميع أجناس الأعراض ، ولم يجوزوا خلوها عنها فيما لا يزال. وهم بعض القائلين بأن الأجسام قديمة بذواتها محدثة بصفاتها».
(٣) قارن بما ورد فى الشامل للجوينى ص ٢١٢.
(٤) قارن بما ورد فى الشامل للجوينى ص ٢١٠.