الفصل الخامس
فى أنه لا يجوز أن يكون إيجاب العلة العقلية لمعلولها
مشروطا بشرط معين فى نظر الناظر (١)
وهذا أيضا مما لا خلاف فيه بين القائلين بالأحوال
وقد ذكر بعض الأصحاب فى مستند الاتفاق على ذلك مسلكا ضعيفا ؛ وهو أن قال : العلة لا توجب معلولها بعلة ، وإلا لأمكن أن يقال : إن اقتضاء تلك العلة الثانية أيضا لعلة أخرى ؛ ويتسلسل الأمر إلى غير النهاية.
وإذا لم يكن إيجابها لمعلولها لعلة ؛ فكذلك لا يكون ايجابها له مشروطا بشرط وإلا لأمكن أن يقال فى الشرط ما قيل فى العلة ؛ وهو أن نصب الشرط شرطا بشرط آخر ؛ وهو تسلسل ممتنع.
ولقائل أن يقول : لا نسلم أنه يلزم من امتناع إيجاب العلة لمعلولها ؛ لعلة امتناع توقف (١١) / / إيجابها له على شرط
ولا يخفى أن ما ذكر فى ذلك مجرد دعوى ، وتمثيل من غير دليل ؛ فيكون باطلا.
والحق فى ذلك أن يقال : إن إيجاب العلّة لمعلولها ، وثبوته عند وجودها ؛ أمر معلوم بالضرورة كما سبق (٢)
وأنه لا يتصور قيام العلم بمحل ، ولا يكون ذلك المحل عالما به. وإذا كان كذلك ؛ فلو كان إيجاب العلم مثلا يكون محله عالما مشروطا بشرط خارج ، فلا يخلو ذلك الشرط : إما أن يقال : بجواز مفارقته للعلم ، أو لا يقال بجوازه.
فإن كان الأول : فبتقدير وجود العلم ، وانتفاء ذلك الشرط ؛ يلزم منه أن يكون العلم قائما بالمحل ؛ وهو غير عالم به ؛ وهو محال.
__________________
(١) من كتب الأئمة المتقدمين على الآمدي انظر : الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٦٦٩ وما بعدها. ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي المواقف للإيجي ص ٩٤ وشرح المواقف للجرجانى ٤ / ٢٠٠.
(١١)/ / أول ل ٦٥ / ب. من النسخة ب.
(٢) راجع ما سبق فى الفصل الثانى ل ١١٨ / ب.