الفصل السادس
فى أن العلة الواحدة هل توجب حكمين مختلفين أم لا؟ (١)
وهذا مما اختلفت فيه آراء القائلين بالأحوال : نفيا ، وإثباتا.
والحق فى ذلك أن يقال : تفريعا على القول بالأحوال : الأحكام المختلفة :
إما أن تكون بحيث يجوز تقدير ثبوت بعضها دون البعض : كالعالمية ، والقادرية ، والعالمية بالسّواد ، والعالمية بالبياض.
وإما أن تكون بحيث لا يجوز تقدير ثبوت بعضها دون البعض : كعالمية الإنسان بالسواد ، مع عالميته بعلمه بالسواد.
فإن كان من القسم الأول : فيمتنع أن تكون ثابتة بعلة واحدة ؛ وذلك لأنا إذا فرضنا حكمين مختلفين يجوز افتراقهما ؛ فلا يخلو : إما أن يقال بأنهما لا يثبتان إلا بعلة واحدة ، أو أنهما لا يثبتان إلا بعلتين ، أو أنهما يثبتان بعلة واحدة تارة ، وبعلل متعددة تارة.
فإن كان الأول : وهو أنهما لا يثبتان إلا بعلة واحدة
فلا يخلو إما أن يقال : بأنها لا توجد إلا وهى موجبة للحكمين معا ، أو أنها يجوز وجودها موجبة لأحد الحكمين دون الآخر.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا كان الافتراق بين الحكمين متعذرا ؛ وهو خلاف الفرض.
ولا جائز أن يقال بالثانى : إذ هو خلاف ما بيناه من وجوب طرد العلة.
وإن قيل : إنهما يثبتان بعلة / واحدة تارة ، وبعلل متعددة تارة فالعلة المتحدة لا بد وأن تكون موجبة للحكمين بتقدير وجودها ؛ ضرورة وجوب طرد العلة.
وعند ذلك : فإحدى العلتين المتعددتين (١١) / / الموجبة لأحد الحكمين :
__________________
(١) انظر الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٦٧٢ فصل : فى صحة إيجاب العلة أكثر من حكم. ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي انظر :
المواقف للإيجي ص ٩٤ المسألة السادسة.
وشرح المواقف للجرجانى المسألة السادسة ٤ / ٢٠٠ ـ ٢٠٢.
(١١)/ / أول ل ٦٦ / أمن النسخة ب.