الثانى : أنّا نعلم علما ضروريا أن قيام صفة العلم بالذات توجب كونها عالمة ، [ولا توجب كونها قادرة ، وكذلك القدرة ؛ فإنها توجب كون الذات قادرة ؛ ولا توجب كونها عالمة] (١).
وعند ذلك : فلو جاز أن تكون العلة الموجبة للعالمية ، والقادرية ؛ غير العلم ، والقدرة : فإما أن تكون مثلا للعلم ، أو لا تكون مثلا له.
فإن كانت مثلا للعلم : فمثل العلم علم ؛ والعلم غير موجب للقادرية. وإن لم تكن مثلا للعلم ؛ فهى خلافه :
وهى إما أن تكون ضدا له ، أو لا تكون ضدا له.
فإن كان الأول : لزم من تضادهما ؛ تضاد حكميهما : كما سبق (٢) ؛ وهما غير متضادين.
وإن كان الثانى : فيلزم منه أن يكون الشخص الواحد عالما بشيء ، وجاهلا به فى حالة واحدة ؛ وهو محال ؛ وتقرير لزوم ذلك ما سبق فى صدر الكلام.
وأما جواب الأستاذ أبى سهل : فمع أنه خلاف مذهب الشيخ والأئمة ؛ مردود بما ذكرناه من الدّلالة ، على امتناع التعدد فى علم الله ـ تعالى ـ فى الصفات (٣).
والأصح فى ذلك أن نقول : الرب ـ تعالى ـ وإن كان عالما بجميع المعلومات ؛ فعالميته غير مختلفة ؛ بل واحدة. والتعدد والاختلاف إنما هو فى تعلق العلم ، أو العالمية بالمعلومات المختلفة وتعلق العلم أو العالمية وإن اختلف ؛ فلا يكون موجبا لاختلاف العالمية ؛ بل العالمية واحدة ، وعلتها واحدة ؛ وهى العلم.
وهذا بخلاف العالمية فى حقنا ؛ فإنها قد تختلف باختلاف العلوم الموجبة لها ، وعلم الرّب ـ تعالى ـ غير مختلف ولا متعدد.
وأما الحياة : فلا نسلم كونها علة للتصحيح بما ذكروه ؛ بل شرط لوجود المصحح وفرق بين الأمرين.
__________________
(١) ساقط من «أ».
(٢) راجع ما سبق فى الأصل الثالث ـ الفصل الخامس ل ٧٨ / أوما بعدها.
(٣) راجع ما سبق فى الجزء الأول القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الثانى ـ المسألة الرابعة ل ٧٢ / ب وما بعدها.