وقد احتج أهل الحق بمسالك :
المسلك الأول :
أنهم قالوا : لو كان الجوهر (١) غير متناهى الأجزاء فى العقل ؛ لما تفاوتت الأجسام فى أحجامها ؛ ولزم أن يكون حجم الخردلة كالجبل ، وأن يكون حجم كل الجسم كحجم بعضه ؛ واللازم ممتنع.
وبيان الملازمة : هو أن زيادة حجم أحد الجسمين على الآخر ؛ إنما هو بسبب تفاوتهما فى الأجزاء.
__________________
ـ الرابع : الجسم الّذي أجزاؤه وتر ، وكان ظله مثليه ؛ كان مثله من الظل ظل نصفه ؛ فيكون له نصف ؛ فينتصف الجزء المتوسط.
وقد برهن اقليدس على أن كل خط يصح تنصيفه ، وهو يقتضي ذلك.
الخامس : إذا فرض خط من ثلاثة أجزاء على أحد طرفيه جزء ، يتحرك الخط إلى أيمن والجزء إلى أيسر ؛ فإن انتقل إلى ما فوق الجزء الثانى ؛ فهو محال ؛ لأن الجزء الثانى انتقل إلى حيز الجزء الأول.
وإن انتقل إلى ما فوق الثالث ؛ فهو قطع جزءين حينما قطع ما تحته جزء واحدا ؛ فينقسم الزمان والحركة والمسافة.
السادس : الجزء متشكل. فإن كان كرة : فإذا انضم بأجزاء أخر ؛ وقعت بينهما فرج لا تسع أجزاء مثلها ؛ فيلزم الانقسام. وإن كان غيرها ؛ كانت فيه زوايا ؛ فينقسم.
السابع : إذا دارت رحى. فمهما قطع الطوق العظيم جزأ. فالصغير : إما أن يقطع أقل من جزء ؛ فينقسم الجزء ، أو جزأ تاما ؛ فيتساوى الصغير والعظيم ، أو يقطع تارة جزأ ، ويسكن أخرى ؛ فتتفكك أجزاء الرحى ، وكذلك الفرجار ذو الشعب الثلاث». [مطالع الأنظار للأصفهانى شرح طوالع الأنوار للبيضاوى ص ١٢٢ ـ ١٢٤ وقارن بما ورد فى شرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٢٦١ وما بعدها].
(١) اهتم الآمدي بشرح معانى ألفاظ الحكماء والمتكلمين فى كتابه المبين ووضح معنى الجوهر وما يتعلق به عند الحكماء والمتكلمين فقال :
«وأما الجوهر : فعلى أصول الحكماء ـ ما وجوده لا فى موضوع. والمراد بالموضوع : المحل المتقوم بذاته ، المقوم لما يحل فيه.
وينقسم إلى بسيط ومركب : أما البسيط : فهو العقل والنفس والمادة ، والصورة. فأما العقل الجوهرى ، والنفس الجوهرية فقد سبق تعريفهما.
وأما المادة : فعبارة عن أحد جزئى الجسم ، وهى محل الجزء الآخر منه.
وأما الصورة : فعبارة عن أحد جزئى الجسم ، وهى حال فى الجزء الآخر منه.
وأما المركب : فهو الجسم. وهو عبارة عن جوهر قابل للتجزئة فى ثلاث جهات متقاطعة تقاطعا قائما
وأما على أصول المتكلمين : فالجوهر عبارة عن المتحيز. وهو ينقسم إلى : بسيط ويعبر عنه بالجوهر الفرد ، وإلى مركب وهو الجسم.
فأما الجوهر الفرد : فعبارة عن جوهر لا يقبل التجزي لا بالفعل ولا بالقوة.
وأما الجسم : فعبارة عن المؤتلف عن جوهرين فردين ، فصاعدا [المبين للآمدى ص ١٠٩ ، ١١٠].