الفصل الثانى
فى أن الجوهر الفرد لا شكل له (١)
وقبل الخوض فى النفى والإثبات ، لا بد من تحقيق معنى الشكل فنقول : الشكل هو ما يحيط به حد واحد ، أو حدود مختلفة :
فالأول : هو الكرى (٢). والثانى : هو المضلّع
والمراد بالحدّ : نهاية الشيء ، ومقطعه.
وإذا عرف ذلك :
فقد اتفق المتكلمون : على أن الجوهر الفرد لا شكل له ، وإن كان له قدر وحظ من المساحة.
واختلفوا فى أنه هل يشبه بعض الأشكال ، أم لا؟
فمنهم من قال بأنه يشبه بعض الأشكال ؛ لكن من هؤلاء من قال : بأنه يشبه الكرى دون المضلع ؛ لأن أجزاء المضلع مختلفة ، والمشابه للمختلف يكون أيضا مختلفا ، وما كان مختلف الأجزاء ؛ فهو متجزئ ، والجوهر الفرد ليس متجزئا.
ومنهم من قال : [يشبه] (٣) المربع ؛ لأنه قد يتركب من الجواهر الفردة خط مستقيم ، والكرى لا يتأتى منه ذلك إلّا بفرج.
ومنهم من قال : إنه يشبه المثلث ؛ إذ هو أبسط الأشكال المضلعة
ومنهم من قال ـ وهو اختيار القاضى أبى بكر (٤) فى قول ـ إنه لا يشبه شكلا من الأشكال ؛ لأن ما يشبه الشكل ، لا بد وأن يكون شكلا ، والجوهر الفرد ليس له شكل ،
__________________
(١) انظر الشامل للإمام الجوينى ص ١٥٨ ، ١٥٩. وأصول الدين للبغدادى ص ٣٥ وما بعدها ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٥٠٥ وما بعدها.
والمواقف للإيجي ص ١٨٢ وشرح المواقف للجرجانى ٦ / ٢٩٠ وما بعدها.
(٢) الكرة : هى جسم يحيط به سطح واحد ، فى وسطه نقطة جميع الخطوط الخارجة منها إليه سواء (كتاب التعريفات للجرجانى ص ٢١٠).
(٣) ساقط من أ.
(٤) انظر الشامل فى أصول الدين لإمام الحرمين الجوينى ص ١٥٩.