وإن كانت غير متحيزة : فعند اتصال إحداهما بالأخرى ، فالمركب منهما لا فى حيز ؛ ضرورة كونه فى حيث مبدأيه ، وحيث هما لا فى حيّز ؛ فالجسم لا فى حيز ، وهو محال ؛ فلا تجرد لإحداهما عن الأخرى.
قالوا : وليس حلول الصورة فى المادة ، حلول العرض فى الموضوع ؛ إذ الموضوع هو المتقوم ذاته ، المقوم لما يحل فيه ؛ وهو مستغن عما يحل فيه ؛ وما فيه غير مستغن عنه ؛ ولا كذلك المادة بالنسبة إلى الصورة.
فإن المادة غير مستغنية عن الصورة ، ولا متقومة فى الوجود دونها ؛ لما تحقق قبل ، وربما زعم بعض حذاقهم مع هذا أن الصورة علة لوجود المادة ؛ محتجا على ذلك بقوله : إنه إذا ثبت التلازم بين المادة والصورة فى الوجود ؛ فإما أن يكون ذلك لتضايف بينهما ، أو لا يكون كذلك.
لا جائز أن يقال بالأول : إذ هما غير متضايفين ؛ إذ المتضايفان ما لا يعقل كل واحد منهما فى معناه ، إلا مع تعقل الآخر : كالأبوّة ، والبنوة ، والمادة ، والصورة ليس كذلك.
وإن كان الثانى : فذلك التعلق ، والتلازم. إما أن يكون هو ما بين العلة والمعلول ، أو ما بين الشيئين المتكافئين فى الوجود من غير أن يكون أحدهما علة للآخر / ولا معلولا له.
فإن كان من القسم الثانى فلا يخلو : إما أن يكون ارتفاعهما مستندا إلى ثالث ، أو أن رفع أحدهما يوجب رفع ثالث ؛ فوجب برفعه رفع الثانى منهما ، أو لا يكون شيئا من ذلك ؛ فهو محال. وإن كان ذلك برفع ثالث ، فكل ما يوجب رفعه رفع غيره ؛ فهو علة له فى وجوده.
وعند ذلك : فإما أن يكون كل واحد (١١) / / من هذين المتكافئين علة متوسطة بين الثانى والثالث فيهما ؛ وهو محال.
وإما أن تكون الواسطة أحدهما بعينه ؛ وهو داخل فى قسم العلة والمعلول. وكذلك إن قدّر أن رفع أحدهما ، أوجب رفع ثالث موجب لرفع الثانى منهما ؛ إذ علة العلة ؛ علة.
وإن كان أحد الأمرين علة للآخر ، والآخر معلولا ؛ وهو القسم الأول : فإما أن تكون المادة هى علة للصورة ، أو الصورة علة للمادة.
__________________
(١١)/ / أول ل ١٢ / ب.