وهذه المذاهب فاسدة.
أما مذهب الفلاسفة : وقولهم فى الخاصة الأولى أن النّبي هو الّذي يكون مطلعا على الغائبات من غير تعليم وتعلم ؛ فهو فاسد من ثلاثة أوجه :
الأول : أنهم إما أن يريدوا بذلك الاطلاع على جميع الغائبات أو على (١) بعضها.
فإن كان الأول : فليس بشرط فى كون النبي نبيا بالاتفاق منا ، ومنهم ، ولهذا فإنّا نعلم علما ضروريا أن من وجد من الأنبياء ودلّت المعجزة القاطعة على نبوّته ـ كما يأتى تحقيقه ـ لم يكن عالما بجميع المغيّبات ولا مطّلعا عليها ، ولهذا قال أفضل المرسلين (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) (٢).
وإن كان الثانى : فما من أحد عندهم الا ويجوز أن يكون مطلعا على بعض المغيّبات من غير تعليم ، وتعلم وإن لم يكن نبيا ؛ فلا يكون ذلك خاصة للنّبىّ.
الوجه الثانى :
قولهم : وأن يكون ذلك لصفاء جوهر نفسه.
فنقول : النفس الإنسانية عندهم جوهر بسيط مجرد عن المادة دون علائقها ، والنفوس الإنسانية كلها من نوع واحد ولا تفاوت فيها حتى تختلف نفسها بالصفاء والكدر.
وعند ذلك : فما ثبت للبعض لنفسه ولذات نفسه ؛ وجب أن يكون ثابتا لكل النّاس ؛ ضرورة الاتحاد فى نوع النفس الإنسانية ، ويخرج ما ذكروه من الاطلاع على المغيّبات عن أن يكون خاصة نفس النّبي دون غيره ، أو أن تكون الأنفس مختلفة متنوعة ؛ ولم يقولوا به.
الثالث :
قولهم : وقد يوجد (٣) فى حقّ من قلت الشواغل / / البدنيّة لنفسه بسبب نوم ، أو
__________________
(١) (على) ساقط من ب.
(٢) سورة الأعراف ٧ / ١٨٨.
(٣) فى ب (وقد يوجد ذلك أيضا)
/ / أول ل ٦٩ / ب.