وكونه غير مراد ، وأنه لا مصلحة فيه ، ويلزم من ذلك قلب الحسن قبيحا ، والمراد غير مراد ، والمصلحة مفسدة ، ويلزم منه أيضا البداء (١) على الله ـ تعالى ـ وأنه ظهر له ما لم يكن ظاهرا قبله. والندم بعد الأمر ، والطلب ، وكل ذلك ممتنع فى حق الله تعالى.
وأيضا فإنّ النّسخ فى اللغة عبارة عن الرفع والإزالة ومنه يقال نسخت الريح / / آثار القوم : أى أزالتها وذلك مما يمتنع تحقيقه فيما أمر به ، أو نهى عنه ؛ لأنه إما أن يكون الرفع لما وقع ، أو لما لم يقع.
فإن كان الأول : فهو محال.
وإن كان الثانى : فلا يخفى أن رفع ما لم يقع أيضا محال.
سلمنا جواز نسخ الشرائع وأنه رسول ؛ لكن لا نسلم أنه ادعى الرسالة إلى الأمم كافة ؛ بل إلى العرب خاصة وقد نطق كتابكم بذلك حيث قال (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) (٢) وهو دليل اختصاص رسالته بأهل لسانه ، ولغته ، وهذه هى شبهة العيسوية من اليهود (٣).
والجواب :
قولهم : لا نسلم أنّ محمدا كان موجودا ، وأنه ادّعى الرسالة.
قلنا : ذلك معلوم ضرورة بخبر التواتر. ومن أنكر ذلك فقد ظهرت مجاحدته : وسقطت مكالمته : كمنكر وجود مكة ، وبغداد.
وليس يصح فى الأذهان شيء |
|
إذا احتاج النهار الى دليل (٤) |
__________________
(١) البداء : ظهور الرأى بعد أن لم بعد أن لم يكن [التعريفات للشريف الجرجانى ص ٥٢].
/ / أول ل ٨٦ / ب.
(٢) سورة إبراهيم : ١٤ / ٤.
(٣) العيسوية : انظر عنهم ما مر فى هامش ١٤٦ / ب.
وللرد على شبهة العيسوية من اليهود نقول : بأنه يمتنع عليهم بعد التسليم بصحة رسالته ، وصدقه ، وقيام المعجزة القاطعة ؛ تكذيبه فيما ورد به التواتر القاطع بعموم رسالته إلى الناس كافة ، وأن العموم يشمل الزمان ، والمكان ، فكما أنه مرسل للعالمين ، فرسالته خاتمة الرسالات الإلهية فلا نبى بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
انظر رد الآمدي على العيسوية ل ١٦٨ / أ ، ب).
(٤) هذا البيت للمتنبى ، وهو فى ديوانه بشرح العكبرى ٣ / ٩٢ ونصه :
وليس يصح فى الأفهام شيء |
|
إذا احتاج النهار إلى دليل |