بالمحاربة ، أو بالمعارضات الغثة حتى نفذ فيه حكم الله ، ولا كذلك ما ذكروه من أحوال المدعين ، ومن / / قصده التعظيم ، والترفع بما أنشأه ، وأبدعه.
قولهم : تحدى بكل القرآن ، أو ببعضه.
قلنا : نحن ننزل الكلام على كل واحد من القسمين. فتارة نقول إن التحدى بكل القرآن لا بمعنى أن بعضه ليس متحدى به كما ذهب إليه المعتزلة ؛ إذ هو من أعم الآيات الدالة على التحدى بعشر سور ، وبسورة واحدة ؛ بل بمعنى أن التحدى وقع تارة بكل القرآن وتارة ببعضه ، وقوله ـ تعالى : ـ (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) (١). إنّما هو للتحدى على المخاطبين والدلالة على تعجيزهم عن الاتيان بمثله ، بطريق التنبيه بالأعلى على الأدنى. وأنه إذا عجز الثقلان عن الإتيان بمثله. بتقدير دوم المعارضة فلأن يعجز بعضهم كان بطريق الأولى.
وعلى هذا فقد اندفع ما ذكروه على الآية.
كيف وأن التحدى بكل القرآن قد ورد فى أى من القرآن غير مقيد بما تشبث به الخصم كقوله ـ تعالى : ـ (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ) (٢) أى فأتوا بقرآن مثله ، وتارة يقول التحدى ببعض القرآن : أى آية وقع التحدى تارة بعشر سور ، وتارة بسورة واحدة ، وما ذكروه من الاشكال على السورة الواحدة فقد التزم القاضى أبو بكر فى أحد جوابيه فى دفع الاشكال للإعجاز فى سورة الكوثر وأمثالها تشبثا بقوله ـ تعالى : ـ (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) (٣) غير أن ما يشغب الخصم به من الأشكال على ذلك ربما ظهر فى نظر بعض الناس ، أو أنه تردد فيه فلا يصلح دفع الاشكال فى صوره.
والأصح ما ارتضاه في الجواب الآخر وهو اختيار الأستاذ أبى اسحاق ، وجماعة من أصحابنا : أنّ التحدى بسورة تبلغ فى الطول مبلغا يتبين فيه رتب ذوى البلاغة ، فإنه قد يصدر من غير البليغ ، أو ممن هو أدنى رتبة / فى البلاغة من غيره من الكلام البليغ بما يماثل بعض الكلام البليغ الصادر ممن هو أبلغ منه وربما زاد عليه فى البلاغة ، ولو أراد
__________________
/ / أول ل ٩٠ / أمن النسخة ب.
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٨٨.
(٢) سورة الطور : ٥٢ / ٣٤.
(٣) سورة يونس : ١٠ / ٣٨ وتمام الآية الكريمة : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).