محل ولايته ؛ فإن بلاد الكفار كانت يومئذ متسعة ، وكلمة الكفر / شائعة كما اشتهر غير ذلك من سبه ، وشتمه ، ومحاربته ، وما ذكره مسيلمة من ترهاته ، وهذياناته ؛ بل أبلغ من ذلك إشاعة كلمة الكفر ، والشرك بالله ـ تعالى ـ فى زمانه.
قولهم : إنما لم يعارضوه ، لاعتقادهم أن ما كان لهم من النظم والنثر أفصح من القرآن.
قلنا : اعتقادهم أن كلامهم أفصح من القرآن ، أو أنه كفصاحته وإن كان لا يعتقده من شدا طرفا من الأدب ؛ فإنما ينفع ان لو كان التحدّى بالبلاغة ، والفصاحة لا غير ؛ وليس كذلك لما بيناه ، ومن المعلوم أن ما وجد من كلام العرب وإن توهم فاسد التوهم أنه مشتمل على بلاغة مضاهية لبلاغة القرآن ؛ فلا ريب فى عدم اشتماله على النظم الغريب ، والأسلوب المخالف لسائر / / الأوزان ، والأساليب ، والإخبار عن الغائبات.
قولهم : يحتمل وجود مانع منعهم من المعارضة.
قلنا : العادة فيما ذكرناه إنما هو وجود المعارضة فى ما هو مقدور على ما سلف تقريره ، والاحتمال العقلى لا يمنع من العلم العادى كما عرف مرارا.
فإن قالوا : بأن المانع كان موجودا حقيقة ؛ وهو اشتغالهم بالمحاربة معه عن المعارضة ؛ فهو باطل بوجوه ثلاثة : ـ
الأول : أنه إنّما حاربهم بعد أن أظهر المعجزة ، وتحدّى بها ، وعجزوا عن الإتيان بمثلها مع الإصرار على الكفر ، وعدم الدخول فى الإيمان بمدة مديدة إلى ما بعد الهجرة وقيل : فلم يكن المانع الّذي تخيلوه موجودا.
الثانى : أن الحرب وإن كانت مانعة ؛ فلا تكون مانعة فى جميع الأوقات ؛ لعدم دوامها. ولا بالنظر إلى جميع الناس ؛ لعدم عمومها لهم.
الثالث : أن لو كانت الحرب مانعة لهم من المعارضة لاحتجوا عليه بذلك ؛ وهو غير منقول عنهم.
__________________
/ / أول ل ٩١ / ب.