ويدل على ما ذكرناه قوله ـ تعالى ـ (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا) (١).
قولهم : المغفرة قد تطلق بمعنى الاصلاح مسلم ، غير أن المشهور من اللغة أن المغفرة مأخوذة من الغفر ، والغفر قال صاحب المجمل وغيره هو الستر. ومن المعلوم أنه لم يرد به ستر الطاعة وتغطيتها ، وإلا لما حسن قوله (لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١) فلم يبق إلا أن يكون المراد بع ستر الذنب وتغطيته ، ويدل على ما ذكرناه إطلاق / اسم التوبة عليه.
قولهم : التوبة بمعنى الرجوع.
قلنا : وإن كان كذلك إلا أن المتبادر من إطلاق لفظ التوبة إنما هو الندم على الذنب ومنه قوله ـ عليهالسلام ـ «الندم توبة» (٢). فيكون لفظ التوبة ظاهرا فيه ، ولا يجوز العدول عن الظاهر إلى غيره من غير دليل.
الحجة الثانية :
قوله ـ تعالى ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ١٨٩ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٣).
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ / ٢٣.
(٢) أخرجه ابن ماجة فى سننه. كتاب الزهد ـ باب ذكر التوبة ٢ / ٤٢٠ ح ٤٢٥٢ بنصه. «الندم توبة» وأخرجه الإمام أحمد فى مسنده. مسند عبد الله بن مسعود ١ / ٣٧٦. وأخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب التوبة والإنابة ـ باب الندم توبة ٤ / ٢٤٣ وصححه الحاكم ووافقه الذهبى. وأخرجه الحميدى فى مسنده ـ مسند عبد الله بن مسعود ١ / ٥٨ ، ٥٩ ح ١٠٥.
(٣) سورة الأعراف ٧ / ١٨٩ ، ١٩٠.
ولمزيد من البحث والدراسة بالإضافة إلى ما ورد هاهنا :
انظر تفسير الكشاف للزمخشرى ٢ / ١٣٦ ، ١٣٧.
وتفسير الفخر الرازى ١٥ / ٨٩ ـ ٩٤ ، وتفسير القرطبى ٤ / ٢٧٧٣ ـ ٢٧٧٧
ومختصر تفسير ابن كثير ٢ / ٧٣ ، ٧٤ وصفوة التفاسير للصابونى ١ / ٤٨٦ و ٤٨٧ ط دار القرآن بيروت سنة ١٩٨١ م.
وتفسير المنار للإمام محمد عبده ـ محمد رشيد رضا ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ٩ / ٤٣١ ـ ٤٣٨.
وشرح المواقف للجرجانى ـ الموقف السادس ص ١٤٠ ـ ١٤٢.
وشرح المقاصد للتفتازانى ٣ / ٣١٢.