الحجة السابعة :
قوله ـ تعالى ـ حكاية عن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ :
(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (١).
ووجه الاحتجاج به : أنه لا يخلو : إما أن يكون مطمئنا بأن الله ـ تعالى ـ يقدر على إحياء الموتى ، أو لا يكون مطمئنا بذلك.
لا جائز أن يكون مطمئنا وإلا لما حسن قوله (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ؛ فإن طلب تحصيل الحاصل محال.
وإن لم يكن مطمئنا بذلك : فهو شاك متردد فى قدرة الله ـ تعالى ـ على إحياء الموتى ، والشك فى ذلك عند الخصوم غير جائز على الأنبياء مطلقا قبل النبوة ، وفى حالة النبوة.
كيف وأن ذلك إنما كان فى حالة نبوته على ما نقله الرواة.
فإن قيل : إن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ لم يكن شاكا فى قدرة الله ـ تعالى ـ على إحياء الموتى ، ولا فى الآية دلالة على ذلك ؛ بل سؤاله يحتمل وجوها :
الأول : أنه سأل تكثير الدلائل ؛ ليكون أبعد عن اعتراض الشبه ، وأنقى للخواطر والوساوس.
الثانى : أنه روى جعفر (٢) الصادق أن الله ـ تعالى ـ أوحى إلى إبراهيم أننى أتخذ إنسانا خليلا ، وعلامته أنى أحيى الموتى بسبب دعائه ؛ فوقع فى نفسه أنه ذلك الخليل ؛ فسأل الله ـ تعالى ـ ذلك ؛ ليطمئن قلبه أنه الخليل.
__________________
(١) سورة البقرة ٢ / ٢٦٠ ولمزيد من البحث والدراسة راجع ما يلى
تفسير الكشاف للزمخشرى ١ / ٣٩١ ، ٣٩٢ ، وتفسير الرازى ٨ / ٤٠ ـ ٤٦.
وتفسير القرطبى ٢ / ١١٠٥ ـ ١١١٠ ، ومختصر تفسير ابن كثير ١ / ٢٣٦.
وقصص الأنبياء لابن كثير ص ١٤٤ ـ ١٤٧.
وقارن بما ورد فى شرح المواقف ـ الموقف السادس ص ١٤٢ ، ١٤٣.
(٢) راجع عنه ما سبق فى هامش ل ١٤٨ / ب.