الثانى : أنه على خلاف ما ذكره أرباب التفاسير من أن سجودهم كان تعظيما له ، لا بطريق العبادة له ، كما كانت عادة. الناس فى ذلك الزمان من تعظيم ملوكهم بالسجود لهم عند دخولهم عليهم ، وكذلك فى زمننا هذا.
الثالث : أنه على خلاف ما فسر به يوسف رؤياه فى قوله (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (١). من أن الكواكب إخوته فإنهم كانوا أحد عشر ، والشمس أمه ، والقمر أبوه ، وذلك / قوله : (هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) (٢).
الحجة الثالثة عشرة :
قوله ـ تعالى ـ حكاية عن موسى (٣) ـ عليهالسلام ـ :
__________________
(١) سورة يوسف ١٢ / ٤.
(٢) سورة يوسف ١٢ / ١٠٠.
(٣) موسى عليهالسلام : هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث ، وينتهى نسبه إلى يعقوب عليهالسلام ، وأخوه هو هارون عليهالسلام الّذي بعثه الله استجابة لدعوة أخيه موسى عليهماالسلام (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي) وقد ذكرت قصة موسى ـ عليهالسلام ـ مع فرعون فى كثير من سور القرآن الكريم بوجوه عديدة وأساليب متنوعة ، كما ذكرت قصة بنى إسرائيل مع موسى وهارون عليهماالسلام موضحة مفصلة وخاصة فى سورتى (الأعراف والقصص).
وقد وضح القرآن الكريم قصة ميلاد موسى ، ونجاته من فرعون ، ثم تربيته فى بيت فرعون على يد أمه ، ثم ما حدث له مع القبطى وهروبه إلى أرض مدين ثم زواجه ، ووفائه بالعهد ، ثم عودته إلى مصر ، وإرساله إلى بنى إسرائيل ، وما حدث له مع فرعون ، ثم السحرة وأخيرا خروجه من مصر وما حدث من غرق فرعون وجنوده ثم ما حدث لبنى إسرائيل فى سيناء.
وقد وضح المصنف موقف سيدنا موسى من قتل القبطى وأن ما حدث لا يتنافى مع عصمته عليهالسلام ، كما أحلت على كثير من كتب التفسير والعقيدة لتوضيح براءة سيدنا موسى عليهالسلام مما قيل فى الحجة الثالثة عشرة.
كما وضح المصنف ما حدث من سيدنا موسى مع أخيه هارون عليهماالسلام ووضح أن ما حدث من كل منهما لا يتنافى مع العصمة. وقد أحلت على كتب التفسير والعقيدة التى وضحت هذا الأمر.
وقد أفاض القرآن فى الحديث عن (بنى إسرائيل) وما حدث منهم مع كل من موسى وهارون عليهماالسلام.
وبعد جهاد عظيم توفى كليم الله موسى عليهالسلام بعد أخيه هارون عليهالسلام فى أرض سيناء.
ويهمنى هنا المقارنة بين ما ورد عن موسى وهارون عليهماالسلام فى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، وما ورد عنهم فى كتب اليهود المحرفة ـ ففى القرآن الكريم والسنة فيض من الثناء على موسى وهارون عليهماالسلام ووصف لموسى بأن مناضل فى الحق لا يخاف فى الله لومة لائم ؛ فإذا أخطأ غفر الله خطيئته ، وحماه من عواقبها.
بينما تصفه كتب اليهود المحرفة بما لا يليق ورمى بالتهم الخلقية والخلقية واتهم بقتل أخيه وبالتحريض على سرقة حلى المصريين [سفر الخروج ٣ / ٢١ ـ ٢٢ ، ١٢ / ٣٥ ـ ٣٦] كما اتهم هارون بصنع العجل وعبادته [سفر الخروج ٣٢ / ١ ـ ٦]. [قصص الأنبياء لابن كثير ص ٢٩٦ ـ ٤٦٤ ، والنبوة والأنبياء ص ١٦٥ ـ ١٨٥ ، واليهودية ص ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٧٠ ، ١٧١].